للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرحمانية المبسوطة هناك، ووصل خبر ذلك إلى مصر اشتد انزعاج الناس وركب إبراهيم بيك إلى ساحل بولاق وحضر الباشا والعلماء ورؤوس الناس وأعملوا رأيهم فى عمل متاريس من بولاق إلى شبرى، ويتولى الإقامة ببولاق إبراهيم بيك وكشافه ومماليكه، وكان العلماء عند توجه مراد بيك يجتمعون بالأزهر كل يوم ويقرءون البخارى وغيره من الدعوات، وكذا مشايخ فقراء الأحمدية والرفاعية والبراهمة والقادرية والسعدية وغيرهم من الطوائف وأرباب الأشائر ويعملون مجالس للاستغاثات وأطفال المكاتب يذكرون الاسم اللطيف وغيره من الأسماء، وحضر مراد بيك إلى بر إنبابة وشرع فى عمل متاريس هناك ممتدة إلى بشتيل، وتولى ذلك هو وصناجقه وأمراؤه وجماعة من خشداشيته، واحتفل بترتيب ذلك وتنظيمه بنفسه هو وعلى باشا ونصوح باشا، وأحضروا المراكب الكبار التى أنشأها بالجيزة وأوقفها على ساحل إنبابة وشحنها بالعساكر والمدافع وصار البر الغربى والشرقى مملوءين بالمدافع والعساكر والمتاريس والخيالة والمشاة، ومع ذلك فقلوب الأمراء لم تطمئن بذلك فإنهم من حين وصول الخبر من إسكندرية شرعوا فى نقل أمتعتهم من البيوت الكبار المشهورة إلى البيوت الصغار التى لا يعرفها أحد، واستمروا طول الليالى ينقلون الأمتعة ويوزعونها عند معارفهم وثقاتهم وأرسلوا البعض منها لبلاد الأرياف، وأخذوا أيضا فى تشهيل الأحمال واستحضار الدواب للارتحال، فلما رأى أهل البلدة منهم ذلك داخلهم الخوف الكثير والفزع واستعد الأغنياء وأولوا المقدرة للهروب، ولولا أن الأمراء منعوهم من ذلك لما بقى بمصر منهم أحد، وفى يوم الثلاثاء ثانى يوم نادوا بالنفير العام وخروج الناس للمتاريس وكرروا المناداة بذلك كل يوم، فأغلق الناس الدكاكين والأسواق وحضر الجميع لبربولاق، فكانت كل طائفة من طوائف أهل الصناعة يجمعون الدراهم من بعضهم وينصبون خياما أو يجلسون فى مكان خرب أو مسجد ويرتبون فيما يصرف عليهم ما يحتاجون له من الدراهم التى جمعوها، وبعض الناس يتطوع بالإنفاق على البعض الآخر، ومنهم من يجهز جماعة من المغاربة أو الشوام بالسلاح