للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما خرج من مصر من الأموال والذخائر فى تلك الليلة أضعاف ما بقى فيها ضرورة، لأن معظم الأموال عند الأمراء والأعيان ومساتير الناس، والذى أقعده العجز وكان عنده ما يعز عليه من مال أو مصاغ أعطاه لجاره أو صديقه الراحل، ومثل ذلك أمانات وودائع الحجاج من المغاربة والمسافرين فذهب ذلك جميعه.

ومن دافع عن نفسه أو حريمه ربما قتلوه وعروا النساء وفضحوهن، وفيهن الخوندات والأعيان فمنهم من رجع من قريب وهم الذين تأخروا فى الخروج، وبلغهم ما حصل للسابقين ومنهم من جازف متكلا على عزته فسلم أو عطب، وبالجملة/فكانت تلك الليلة وصبيحتها فى غاية الشناعة، جرى فيها ما لم يتفق مثله فى مصر ولا سمعنا بما يشابه بعضه فى تواريخ المتقدمين.

ولما أصبح يوم الأحد المذكور والمقيمون لا يدرون ما يفعل بهم من حلول الفرنسيس ورجع الكثير من الفارين فى أسوا حال من العرى والفزع، تبين أن الإفرنج لم يعدوا إلى البر الشرقى، وأن الحريق كان فى المراكب المتقدم ذكرها، واجتمع فى الأزهر بعض العلماء والمشايخ وتشاوروا، فاتفق رأيهم على أن يرسلوا مراسلة إلى الإفرنج وينظروا ما يكون من جوابهم، ففعلوا وأرسلوا الرسالة صحبة شخص مغربى يعرف لغتهم ومعه شخص آخر فغابا ثم عادا فأخبرا أنهما قابلا كبير القوم وأعطياء الرسالة فقرأها عليه ترجمانه، ومضمونها الاستفهام عن قصدهم فقال على لسان ترجمانه: وأين عظماؤكم ومشايخكم لم تأخروا عن الحضور إلينا لنرتب عليهم ما يكون فيه الراحة وطمنهم وبش فى وجوههم فقالا: نريد أمانا منكم فقال:

أرسلنا لكم سابقا فقالا وأيضا لأجل اطمئنان الناس، فكتب ورقة أخرى مضمونها خطابا