وفى يوم الثلاثاء عدت الفرنساوية إلى بر مصر وسكن بونابارت بيت محمد بيك الألفى بالأزبكية بخط الساكت، الذى أنشأه ذلك الأمير فى السنة الماضية وزخرفه وصرف عليه أموالا عظيمة وفرشه بالفرش الفاخرة، وعند تمامه وسكناه به حصلت هذه الحادثة فتركه بما فيه فكأنه إنما بنى لأمير الفرنسيس، وكذلك حصل فى بيت حسن كاشف جركس بالناصرية واستمر غالب الفرنسيس بالبر الغربى، ولم يدخل المدينة إلا القليل منهم ومشوا فى الأسواق من غير سلاح وصاروا يضاحكون الناس ويشترون ما يحتاجون إليه بأغلى ثمن، فيأخذ أحدهم الدجاجة ويعطى صاحبها ريال فرانسيا ويأخذ البيضة بنصف فضة قياسا على أسعار بلادهم، فأنس بهم العامة واطمأنوا لهم وخرجوا إليهم بالكعك وأنواع الفطير والخبز والبيض والدجاج والسكر والصابون والدخان والبن وغير ذلك، وفتح غالب السوق الحوانيت والقهاوى وصاروا يبيعون بما أحبوا من الأسعار.
وفى يوم الخميس ثالث عشر صفر أرسلوا بطلب المشايخ والوجاقلية عند قائم مقام سر عسكر، فلما استقر بهم الجلوس تشاوروا معهم فى تعيين عشرة من المشايخ للديوان لفصل الخصومات، فوقع الاتفاق على الشيخ عبد الله الشرقاوى، والشيخ خليل البكرى، والشيخ مصطفى الصاوى، والشيخ سليمان الفيومى، والشيخ محمد المهدى، والشيخ موسى السرسى، والشيخ مصطفى الدمنهورى، والشيخ أحمد العريشى، والشيخ يوسف الشبرخيتى، والشيخ محمد الدواخلى، وحضر ذلك المجلس أيضا مصطفى كتخدا بكر باشا والقاضى، وقلدوا محمد أغا المسلمانى أغات مستحفظان، وعلى أغا الشعراوى والى الشرطة، وحسن أغا محرم أمين احتساب، وذلك بإشارة أرباب الديوان، فإنهم كانوا ممتنعين من تقليد المناصب لجنس المماليك فعرفوهم أن سوقة مصر لا يخافون إلا من الأتراك، ولا يحكمهم سواهم، وهؤلاء المذكورون من بقايا البيوت القديمة الذين لا يتجاسرون على الظلم كغيرهم، وقلدوا ذا الفقار كتخدا محمد بيك كتخدا بونابارت.