وقال مرييت: إن النيل هناك يكون منحبسا بين جهتى جبل السلسلة، وفى ذلك الجبل مغارة فيها نقوش وأدعية تدل على أن أهل تلك الجهة كانوا يقدسون النيل بعبادة مخصوصة، وذلك فى زمن هوروس أحد ملوك العائلة الثامنة عشرة، ويرى على الجدار القبلى أن هذا الملك يرضع من مقدسة ذات لبن وهو جالس على تخت محمول باثنى عشر أميرا، ويرى فى مرة أخرى أن أميرين يحملان له المظلة فى رجوعه من نصرة انتصرها على الكوشيين، وبين جبل السلسلة وأدفو أربعون كيلومتر انتهى.
ولنبين لك تراجم بعض من تقدم ذكرهم فى هذه البلدة على سبيل الإيجاز فنقول نقلا عن قاموس الفرنج
أما كليمان الإسكندرى فهو من علماء القرن الثانى من الميلاد، ولد بالإسكندرية فى العبادة الوثنية ثم تنصر وزاول العلوم ودرس بالمدرسة النصرانية بالإسكندرية، ثم رحل عنها فى سنة مائتين واثنتين كراهية لظلم القيصر سوير، وساح فى بلاد القدس وغيرها ثم رجع إلى الإسكندرية بعد خمس عشرة سنة ومات بها فى سنة رجوعه
وأما يوسف/الإسرائيلى فإنه ولد بالقدس سنة سبع وثلاثين من الميلاد، ثم جعل حاكما على ولاية جليلة وهى قسم من بلاد فلسطين، وذلك فى سنة سبع وستين وقت قيام الأهالى على الرومانيين زمن قيصرية واسبيسيان (١) وتيتوس، واصطحب مع تيتوس وأخبره بالكهانة أنه يتولى القيصرية، فأحبه وأخذه معه إلى رومة ومات بها سنة خمس وتسعين، وقد كتب تاريخ حروب اليهود مع الرومانيين.
وأما جوزويه يوشع العبرانى فهو رئيس العبرانيين ولد بمصر، وكان خليفة موسى ﵇ فى حكم بنى إسرائيل سنة ألف وستمائة وخمسة قبل الميلاد، وهو الذى أدخل العبرانيين الأرض المقدسة التى كتب الله لهم وحارب أربعة ملوك من الكنعانيين وانتصر عليهم.
(١) يقصد: فسبسيان. انظر: عبد اللطيف أحمد على: مصر والإمبراطورية الرومانية، ص ١٣٨.