وذكر الإدريسى أن هذه الكنائس والديور من آثار المدينة القديمة، وكان بها مبان فاخرة وحدائق نضرة وأرض خصبة، وقال: إنها كانت تسمى بمدينة السحرة ومنها جلب فرعون مصر سحرة موسى ﵇، ويغلب على الظنّ أن السحرة إنما جلبوا من مدينة بيترا التى بالقرب منها، وكانت ذات شهرة فى الزمن الأول.
وقد ذكر أبو الفداء ما ذكر الإدريسى.
وفى رحلة ابن جبير فى آخر القرن السادس أن أنصنا قرية فسيحة جميلة بها آثار قديمة وكانت فى السالف مدينة عتيقة وكان لها سور هدمه صلاح الدين وجعل على كل مركب منحدر فى النيل وظيفة من حمل صخره إلى القاهرة فنقل بأسره إليها انتهى.
وذكر المقريزى أن بابا من أبوابها نقل إلى مدينة القاهرة وكان على باب زويلة، وأن صلاح الدين أيوب نقل أحجار سورها وبنى بها ما أحدثه من المبانى فى مدينة القاهرة.
وقال أبو عبيد البكرى: أنصنا كورة من كور مصر معروفة، كانت سرّية النبى ﷺ مارية أم ابنه إبراهيم من قرية من قراها يقال لها حفن، ولوضع هذه المدينة على شاطئ النيل كان فيها بساتين زاهرة ومنتزهات باهرة، وكان لها محصول عظيم من التمر والفواكه والآثار التى كانت باقية إلى زمن الفرنساوية، ومن مبانى هذه المدينة تدل على ما كانت عليه فى الزمن القديم من الفخامة والعمارية.
وفى خطط الفرنساوية إن الإنسان إذا كان فوق تلالها من جهتها الغربية يرى الشارع الذى كان ممتدا فى طولها ويرى قطعا كثيرة من الأعمدة التى كانت فى جوانبه من أوّله إلى آخره وعلى كل عمود تمثال أنتنوبه ويرى أيضا فى آخر خرابها البودروم-أعنى محل ملعب الخيل والمصارعة-وكان مستدير الشكل يقال: إنه كان مجعولا مقياسا للنيل، وكان محوّطا بأعمدة من الصوان الأحمر بين كل عمودين خطوة وهى عدد أيام السنة الشمسية، ويرى على شماله الشارع العمودى من بابها الشرقى الذى كان مزينا بالأعمدة والتماثيل والمبانى الفاخرة إلى بابها الغربى.