للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السلام- (بغداد) -فى الدولة العباسية فى أيام جعفر المتوكل، فكان المترجم له أصطوفان من تلك الأسماء اليونانية فى وقته، فما عرف له اسما فى اللّسان العربى فسره بالعربية، وما لم يعلم له فى اللّسان العربى اسما تركه فى الكتاب على اسمه اليونانى، اتكالا منه على أن يبعث الله بعده من يعرف ذلك ويفسره باللّسان العربى؛ إذ التسمية لا تكون إلا بالتواطؤ من أهل كل بلد على أعيان الأدوية بما رءوا، ويسمون ذلك إما باشتقاق وإما من غير ذلك بتواطؤهم على التسمية، فاتكل أصطوفان على أشخاص يأتون بعده، فمن عرف أعيان الأدوية التى لم يعرف/هولها اسما فى وقته يسميها على قدر ما سمع فى ذلك الوقت فيخرج إلى المعرفة.

قال ابن جلجل وورد هذا الكتاب إلى الأندلس وهو على ترجمة أصطوفان، منه ما عرف له اسما بالعربية، ومنه ما لم يعرف له اسما فانتفع الناس بالمعروف منه بالمشرق والأندلس إلى أيام الناصر عبد الرحمن بن محمد وهو يومئذ صاحب الأندلس، فكاتبه أرمانيوس الملك ملك القسطنطينية-أحسب فى سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة-وهاداه بهدايا لها قدر عظيم، وكان فى جملة هديته كتاب ديسقوريدس مصور الحشائش بالتصوير الرومى العجيب، وكان الكتاب مكتوبا بالإغريقى الذى هو اليونانى، وبعث معه كتاب هروشيش صاحب القصص، وهو تاريخ للروم عجيب فيه أخبار الدهور وقصص الملوك الأول وفوائد عظيمة.

وكتب أرمانيوس فى كتابه إلى الناصر أن كتاب ديسقورديس لا تجنى فائدته إلا برجل يحسن العبارة باللسان اليونانى، ويعرف أشخاص تلك الأدوية، فإن كان فى بلدك من يحسن ذلك فزت أيها الملك بفائدة الكتاب، وأما كتاب هروشيش فعندك فى بلدك من اللّيتينيين من يقرؤه باللّسان اللّتينى وإن كاشفتهم عنه نقلوه لك من اللتينى إلى اللّسان العربى.