وقال غيره: إن البلمية عدوا البحر الأحمر من أيلة فى سفينة كانت فى سواحل الحبش.
وأخبر بعض الرهبان أن البلمية كانوا يسكنون قريبا من مدينة (بانوبوليس).
وفى بعض العبارات أن هؤلاء الأقوام وهم البجة المذكورون فى كتب المشرقيين والمغربيين، يسكنون الصحراء المتسعة المحيطة بالديار المصرية، وبلاد النوبة والحبشة وسواحل البحر الأحمر.
وقال المقريزى (١): إن أول بلد البجة من قرية تعرف بالخربة، معدن الزمرد فى صحراء قوص، وبين هذا الموضع وبين قوص نحو ثلاث مراحل.
قال: وذكر الجاحظ أنه ليس فى الدنيا معدن للزمرد غير هذا الموضع، وهو يوجد فى مغارات بعيدة مظلمة يدخل إليها بالمصابيح وبحبال يستدل بها على الرجوع خوف الضلال، ويحفر عليه بالمعاول فيوجد فى وسط الحجارة وحوله نوع غشيم دونه فى الصبغ والجوهر. (وسيأتى بسط الكلام عليه عند التكلم على صحراء عيذاب).
وآخر بلاد البجة أول بلاد الحبشية، وهم فى بطن هذه الجزيرة-أعنى جزيرة مصر-إلى سيف البحر الملح مما يلى جزائر سواكن وباضع (مصوع) ودهلك، وهم بادية يتبعون/الكلأ حينما كان الراعى بأخبية من جلود.
وأنسابهم من جهة النساء، ولكل بطن منهم رئيس، وليس عليهم متملك ولا لهم دين، ويورثون ابن البنت وابن الأخت دون ولد الصلب، ويقولون إن ولادة ابن الأخت وابن البنت أصح، فإنه ولدها على كل حال سواء كان من زوجها أو من غيره.
(١) الخطط المقريزية، تأليف تقى الدين المقريزى، طبعة لبنان، مكتبة إحياء العلوم، د. ت. مج ا، ص ٣٣٢ وما بعدها.