للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان لهم قديما رئيس يرجع جميع رؤسائهم إلى حكمه، يسكن قرية تعرف بهجرهى أقصى جزيرة البجاة، ويركبون النجب الصهب وتنتج عندهم، وكذلك الجمال العراب كثيرة عندهم أيضا والمواشى من البقر والغنم والضأن كثيرة جدا عندهم، وبقرهم حسان ملمعة بقرون عظام ومنها جمّ، وكباشهم كذلك منمرة ولها ألبان.

وغذاؤهم اللحم وشرب اللبن، وأكلهم للجبن قليل وفيهم من لا يأكله، وأبدانهم صحاح وبطونهم خماص، وألوانهم مشربة بالصفرة، ولهم سرعة فى الجرى يباينون بها الناس، وكذلك جمالهم شديدة العدو وصبورة عليه وعلى العطش، يسابقون عليها الخيل ويقاتلون عليها وتدور بهم كما يشتهون، ويقطعون عليها من البلاد ما يتفاوت ذكره، ويتطاردون عليها فى الحرب، وهم يبالغون فى الضيافة، فإذا طرق أحدهم الضيف ذبح له، فإذا تجاوز ثلاثة نفر نحرلهم من أقرب الأنعام إليه سواء كانت له أو لغيره، وإن لم يكن شئ نحر راحلة الضيف وعوضه من هو خير منها.

وسلاحهم الحراب السباعية مقدار طول الحديدة ثلاثة أذرع، والعود أربعة أذرع، وبذلك سميت سباعية، والحديدة فى عرض السيف لا يخرجونها من أيديهم إلا فى بعض الأوقات، لأن فى آخر العود شيئا شبيه بالفلكة، يمنع خروجها عن أيديهم. وصناع هذه الحراب نساء فى موضع لا يختلط بهن رجل إلا المشترى منهن، فإذا ولدت إحداهن من الطارقين لهن جارية استحيتها، وإن ولدت غلاما قتلته، ويظن إن الرجال بلاء وحرب. ودرقهم من جلود البقر مشعرة ودرق مقلوبة تعرف بالأكسومة من جلود الجواميس ومن دابة فى البحر، وقسيهم عربية كبار غلاظ من السدر والشوحط، يرمون عليها بنبل مسموم، وهذا السم يعمل من عروق شجر الغلف، يطبخ على النار حتى يصير مثل الغراء، فإذا أرادوا تجربته شرط أحدهم جسده وسيل الدم، ثم شممه هذا السم، فإذا تراجع الدم علم أنه جيد ومسح الدم لئلا يرجع إلى جسده فيقتله، فإذا أصاب الإنسان قتل لوقته-ولو مثل شرطة الحجام، وليس له عمل فى غير الجرح والدم، وإن شرب منه لم يضرّ.