للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبلدانهم كلها معادن، وكلما تصاعدت كان أجود ذهبا وأكثر، وفيها معادن الفضة والنحاس والحديد والرصاص وحجر المغناطيس والمرقشينا والجمشت والزمرد وحجارة شطبا، فإذا بلت الشطبة منها بزيت وقدت مثل الفتيلة.

وفى أوديتهم شجر المقل والإهليلج، والأذخر، والشيح، والسنار والحنظل وشجر البان. وبأقصى بلدهم النخل وشجر الكرم والرياحين.

وبها سائر الوحوش من السباع والفيلة، والنمور والفهود، والقردة وعناق الأرض والزياد، ودابة تشبه الغزال حسنة المنظر، بها قرنان على لون الذهب، قليلة البقاء إذا صيدت.

ومن الطيور الببغاء، والنقيط، والنوبى والقمارى، ودجاج الحبش، وحمام بازين انتهى.

ويؤخذ مما تقدم أن البلمية عرب يكثرون الترحال، لا يستقرون فى موضع واحد، وينتقلون فى الصحراء الكائنة بين النيل والبحر الأحمر. وكانوا فى مبدأ أمرهم بقرب أرض الحبشة ثم تنقلوا إلى قرب أرض مصر رغبة فى النهب وكثرة المراعى، وحصل منهم كثير من الإغارات على هذه الديار نشأ منها مضرات جسيمة.

وفى زمن (يوروبوس) حاكم مصر من طرف الرومانيين، أغاروا على ناحية قفط وأخذوها وأخذوا مدينة بطليموسة، وأرسل خلفهم الحاكم المذكور عساكر وحاربهم وأجلاهم عن البلاد، وأسر منهم عددا وافرا أرسله إلى روما فتعجب أهلها من شناعة زيهم وهيآتهم.

ولشدة أذى البلمية وكثرة شرهم، ترك القيصر (ديوكليتيان) للنوبة أرضا عظيمة السعة على شواطئ النيل، واشترط عليهم منع هؤلاء العصاة من الإغارات على الديار