للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقد عبد الله بن الجهم مولى أمير المؤمنين، لكنون بن عبد العزيز، كبير البجة، الأمان على ما سمينا وشرطنا فى كتابنا هذا، وعلى أن يوافى به أمير المؤمنين. فإن زاغ كنون أو عاث فلا عهد ولا ذمة وعلى كنون أن يدخل عمال أمير المؤمنين بلاد البجة لقبض صدقات من أسلم من البجة، وعلى كنون الوفاء بما شرط لعبد الله بن الجهم.

وأخذ بذلك عهد الله عليه بأعظم ما أخذ على خلقه من الوفاء والميثاق، ولكنون بن عبد العزيز ولجميع البحة عهد الله وميثاقه، وذمة أمير المؤمنين، وذمة الأمير أبى اسحق ابن أمير المؤمنين الرشيد، وذمة عبد الله بن الجهم، وذمة المسلمين، بالوفاء بما أعطاه عبد الله بن الجهم ما وفى كنون بن عبد العزيز بجميع ما شرط عليه، فإن غيّر كنون أو بدل أحد البجة فذمة الله جل اسمه، وذمة أمير المؤمنين، وذمة الأمير أبى اسحق ابن أمير المؤمنين الرشيد، وذمة عبد الله بن الجهم والمسلمين بريئة منهم. انتهى.

وقد بقى البجة على ذلك زمنا ثم عادوا لما كانوا عليه من الإغارة على البلاد القبلية، ومن كثرة الشكوى أرسل الخليفة أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله، عسكرا تحت أمرة محمد بن عبد الله الكوفى أو القمى على ما ذكره المقريزى، فأخذ عدة من العساكر المشهود لهم بالثبات وسار بهم من البر، وكانت المراكب تسير من البحر إلى أن وصل إلى موضع وجد فيه كثيرا من البجة قد ركبوا الإبل فخافهم المسلمون، فاحتال وكتب لهم كتابا فى طومار طويل، ولفه بثوب وأرسله إليهم فاجتمعوا ليقرؤه فهجم عليهم حينئذ بعسكره، وكان فى رقاب الخيل أجراس، فحصل، منها صلصلة خافت منها الجمال فذهبت على وجهها بركابها، وأوقع عسكره السلاح فيمن بقى، فأفنى منها خلقا كثيرين، ومات أميرهم فى هذه الوقعة فقام بدله ابن أخيه وطلب المصالحة، فأجابه إلى ذلك بشرط أن يتوجه معه إلى دار الخلافة ببغداد، فرضى بذلك وتوجه إلى سر من رأى سنة ٢٤١ فحصل له غاية الإكرام وعقدت شروط المصالحة على أداء الإداوة والبقط فى كل سنة، وأن لا تتعرض البجة بوجه من الوجوه لمنع المسلمين عن استخراج المعدن.