والبقط كما فى المقريزى:«مقدار من الرقيق يجعل كل سنة الحاكم الجهة». ثم إن محمدا قام من مدينة أسوان وترك بها جميع ما كان من الأسلحة والمهمات الحربية ومن بعده صار كل حاكم أقام بها يأخذ منها بعضا حتى لم يبق منها شئ.
وفى أثناء ذلك كان كثير من المسلمين يتوجه إلى المعدن ويقيم مع البجة، فأخذت أحوالهم وطباعهم تحسن من الاختلاط بالمسلمين.
وقد صار فى هذه المدة استكشاف عروق من الذهب وشاع خبرها، فسار إليها كثير من الخلائق، وتوجه إليها عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحميد العمرى فى عودته من وقعة بلاد النوبة سنة ٢٥٥، وكان معه عدد وافر من عرب ربيعة وعرب جهينة وغيرهم، فكثرت بهم العمارة فى البجه، حتى صارت الرواحل التى تحمل إليهم الميرة من أسوان ستين ألف راحلة غير الجلاب، أى المراكب، التى كانت تنقل لهم من مدينة القلزم إلى ميناء عيذاب.
وذكر بعضهم أنه قبل أن يدخل أحد من البجة فى دين الإسلام/أمرتهم كهانهم عن لسان معبودهم، بالطاعة لربيعة ولكنون معا، فهم على ذلك. فلما قتل العمرى واستولت ربيعة على الجزائر، والاهم على ذلك البجة، فأخرجت من خالفها من العرب.
ومن ذلك الحين صار عرب ربيعة والبجة يتزوج بعضهم من بعض فحصل امتزاج الحيين وارتفع الشقاق من بينهم، وقويت شوكتهم.
وأما البجة القاطنون فى صحراء بلد علوة، من ابتداء البحر الأحمر إلى أول حدود الحبشة، فيشابهون الحدارب، ومنهم رحالة نزالة كثيرة المواشى وأحوالهم كأحوالهم فى المأكل والأسلحة وغير ذلك، ولا تتميز الحدارب منهم إلا بالشجاعة وقلة الشر، وهم إلى الآن وثنيون يعبدون الشيطان ويتبعون فى أمورهم أقوال كهنتهم، ولكل بطن منهم كاهن منعزل عنهم يعتقدونه.
قال (كترمير): «بلاد العلوة واقعة قبلى بلاد مصر، فى جزيرة بين النهر الأزرق