لحصول أغراض خسيسة من مناصب الدنيا، لو عرضت على عاقل بلا سؤال كان من الأدب ردها، فكيف بمن يطلبها بمعصار التوجه والجوع ليلا ونهارا حتى يخف دماغه، وبعضهم يحصل له الماليخوليا والجنون.
وكان ﵁ يلبس الصوف ويتعمم به، وكان له طليحية حمراء، ويقول:
أنا أحمدى، وكان يعمل فى الغيط ويدير الماء وينظف القناة من الحشيش، وكان ﵁ إذا جاءه جبة أو جوخة مثمنة، يتحزم عليها بحبل ويعزق الغيط وهو لا بسها ويقول: ليس لملابس الدنيا عندنا قيمة.
وكان يعارض السلطان قايتباى فى الأمور، حتى قال له يوما السلطان: إما أنا فى مصر أو أنت. فخرج سيدى إبراهيم ﵁ متوجها نحو القدس. فقيل له:
أين؟ فقال: إلى موضع تقف حمارتى، فوقفت تجاه قبر سيدى سليمان ﵁ فمات هناك سنة نيف وثمانين وثمانمائة، ﵁-انتهى.
باختصار، ولم تزل هذه القرية محطة لمحمل الحج الشريف إذا سافر برا، وهى أول محطة للذاهبين وآخر محطة للقادمين.
وقد تكلم صاحب كتاب «درر الفرائض المنظمة، فى أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة» على بعض مشتملات هذه القرية، وعلى محطات الحاج المصرى وادراكها وما يتعلق بذلك، نقلا عن المقريزى وغيره مع ما شاهده هو فى أسفاره. فقال: إن الذى كان عليه المتقدمون فى اليوم المعين لخروج المحمل، من القاهرة إلى الريدانية، ثم إلى بركة الحاج هو اليوم الثامن عشر من شهر شوال، وبعض أمراء الحاج إذا لم يوافق سفره يوما من الأيام التى يجب ابتداء السفر فيه لعلة الأيام، يجعل ذلك يوم التاسع عشر وهو نادر.
ومقدار المسير إلى البركة من صحراء القاهرة، ومبدؤها الباب والخان الذى أنشأه داود باشا، خمس ساعات.