قال: وينصب بالبركة سوق كبير، فيه من الجمال والحمير والبغال، وأنواع الملابس المعدة للسفر وما يحتاجه المسافرون من المركوب والملبوس والمأكلول، بحيث أن من أراد ابتداء السفر من البركة يتهيأ له سائر ما يحتاجه من أسباب. وينتظم بها سائر أحوال الركب والإقامة بها خمسة أيام والرحيل منها سحر يوم السادس، إلا فى النادر لضرورة أوجبت ذلك.
قال المقريزى: وبركة الحاج اليوم أرباب أدراكها قوم من العرب يعرفون بينى صبرة.
قال الشريف بن أسعد الجوالى فى كتابه «الجوهر المكنون، فى معرفة القبائل والبطون»: بنو بطيح بطن من لخم، وهم ولد بطيح بن مغالة بن دعجان بن عنب بن كليب بن أبى الحرث بن عمرو بن رميمة بن جدس بن أريش بن أراش بن جزيلة بن لخم وفخذها بنو صبرة بن بطيح، ولهم حارة مجاورة للخطة المعروفة بكوم دينار السايس، وصبرة فى خندف، وفى قيس ونزار.
وأقول: إن المتعارف الآن مما توارثه الخلف عن السلف، أن للبركة دركين فمناخ الركب ومبركه ومحل نزوله. والوطاق دركه على متولى الحرب السعيد المسمى فى الدولة التركية بالصوباشه، ولهذا يتقدم خروجه إلى البركة يوم رحيل الخيام والفراشين، ويسمى فى العرف بالمدورة من باب تسمية الشئ باسم صفته، لأن المدورة صفة لموصوف، وهى الخيمة الخاصة المسماة بالتنورة، فيستمر للحراسة واليقظة على مناخ الركب إلى أن يبدو رحيل الركب فيحضر إلى أمير الحاج لوداعه، وله عادة حينئذ عند نهاية خدمته، قفطان مذهب، فينعم عليه به ويلبسه ويودع أمير الركب بعد أن يؤكد عليه فى الوصية/ بالمودعين إن كان الوقت قابلا لذلك، ويتوجه الصوباشا إلى القاهرة، وهذا الدرك جزئى باعتبار مبرك الحاج فقط فى هذا المحل.
وأما الدرك الكلى المشهور، فهو على أمير عرب العائذ بالشرقية وعلى جماعته،