للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابتداؤه من أول صحراء القاهرة وخان داود باشا إلى الحمام، وهو بجانب البحر الملح محل زينة أمير الحاج بعد نزوله من عقبة أيلة، وإلى هنا ينتهى حدّ درك الربع الأول.

ثم لما استولت بنو عطية على الدرك وغلبوا عليه، كثر فسادهم واشتهر عنادهم، بعد أن كانوا عرب حمل إمرة الحاج من القاهرة إلى عقبة أيلة، ولم يقدر أمير العائذ على دفعهم وكفهم عن الركب، وتوالت مفاسدهم بالسرقة والخطف فى هذا الربع الأول وأعظم محل فيه. وأخبث محل فى الدرب المصرى، نقب العقبة، لضيقه واختلاف طرقه وتمكن العرب من الفساد فيه بالأذى والنهب، فقرر معهم أمير العائذ أن يدفع إليهم مائتى دينار يأخذها من رجال العائذ جباية فى كل سنة، ويدفعها لهم فى نظير خفارتهم للنقب خاصة، وحدّد ذلك من السطح إلى الحمام فوافقوه على ذلك وتسلموا منه المبلغ المذكور، والتزموا بخفارة النقب لصعوبته وعسر سلوكه، وتمكن المجرمين منهم فيه من الأذى للوفد ما لم يمكنهم فى غيره إلا بعسر وتيقظ، فلما وقع الانفاق على ذلك ومضى على ذلك برهة، طمع العائذ فى أكثر من الحد المتفق عليه، وادعوا أنهم إنما دفعوا المبلغ على خفارة الركب من نخل إلى الحمام، وتنازعوا فيما بينهم واختلفوا، فبنو عطية ينكرون دعوى أهل العائذ ويعترفون بأن أول حدهم السطح، وأهل العائذ يقولون من نخل.

وتلاشى بهذا المقتضى أمر الضائع بين نخل والسطح، فإن أمير الحاج من نخل يلبس أمير العائذ تشريفا، ويعود بجماعته وخيله منها إلى القاهرة، ويصير ما بين نخل إلى السطح بغير خفير ولا صاحب درك، وسيأتى ذكر ذلك أيضا فى محله.

فلنرجع إلى مدة الإقامة بالبركة والرحيل منها فنقول: إن العادة المستمرة أن يقيم الركب ببركة الحاج خمسة أيام، إلا أن يطرأ أمر ضرورى مقتض لزيادة يوم فى بعض السنين لأجل الضرورة فيتأخر الركب ذلك اليوم ولا يعتمد على مثل ذلك.

ولا بد لأمير الحاج أن يراعى أحوال الجمالة ويسأل عن أحوالهم واعتدالها، وكفايتهم من العليق والجمال، فإن فى ذلك الراحة لأمير الحاج وللجمال والرعية، فإذا توجه يوم الثامن عشر من القاهرة يكون العادة فى رحيله من البركة أذان الفجر من