وبمكة قلعة حصينة تسمى قلعة جياد، وعلى رؤس جبالها طواب صغيرة بها مدافع وآلات وعساكر كافية.
فإذا كان اليوم الثامن من شهر ذى الحجة الحرام، يقوم الحاج من مكة صباحا إلى عرفات، ولا يحط إلا بها، وهى منها على مسافة ست ساعات، وفى طريقه يمر بمنى، بكسر الميم، ثم بمزدلفة على نحو ساعة من منى، ثم بمسجد نمرة، بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء وهاء التأنيث، على ساعة من المزدلفة، ثم إلى موقف عرفة على نحو نصف ساعة
وعرفة بطحاء متسعة، لها حدود محصورة، فيبيت بها الحاج ليلة التاسع ويستمر إلى جزء من الليلة العاشرة، والوقوف بها جزءا من ليلة العاشر، أو جزءا من الليل وجزءا من النهار، هو الركن الأعظم للحج، والمراد/بالوقوف الحضور فى ذلك المكان، سواء كان واقفا أو راكبا أو جالسا، فبعد فراغ الخطبة ومضى جزء يسير من الليل تضرب المدافع، وينفرون من عرفات إلى المزدلفة فى كبكبة عظيمة مع أمير الحاج، فيصلّون بها المغرب والعشاء، ويبيت أكثرهم بها ويلتقطون الجمار منها، وهى بطحاء غير مسكونة.
فإذا طلع الفجر ارتحلوا إلى منى، فإذا وصلوا إليها رموا جمرة العقبة بسبع حصيات، وذبحوا أو نحروا هداياهم، وحلقوا وقصّروا رؤسهم، وحينئذ يحل لهم لبس المخيط وغيره من محرمات الإحرام إلا النساء والصيد، وهذا التحلل الأصغر.
ثم يتركون رحالهم بها ويرجعون إلى مكة فيطوفون طواف الإفاضة وهو الركن الرابع من أركان الحج، وحينئذ يحل لهم كل شئ حتى النساء والصيد، وهو التحلل الأكبر، ثم يرجعون إلى منى فيبيتون بها ليلتين لمن تعجل وثلاثة لمن لم يتعجل، ويرمون فى كل يوم من أيام الإقامة الجمرات الثلاث وهى العقبة، والوسطى، والكبرى، كل واحدة