للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهرهم العسكر، فاستعفى المرحوم شريف باشا وتغيرت هيئة النظارة، وتشكلت هيئة جديدة تحت رياسة محمود باشا البارودى، وجعل من رجالها أحمد عرابى على الجهادية والبحرية فلم تخمد بذلك نيران الفتن بل اشتعلت، وانضم إلى الطائفة العرابية الخوارج، كثير من أهل البلاد وأعيانها ما بين راغب وراهب.

وفى أثناء ذلك أتى إلى ميناء الإسكندرية مراكب حربية إنجليزية وفرنساوية وغيرها لتقرير الأمن واطفاء الفتنة، وحضر إلى مصر درويش باشا مندوبا من طرف الدولة العلية لتسكين الفتنة فلم تحصل النتيجة، وقام الخديوى الأفخم إلى الإسكندرية ولحقه درويش باشا، وتداولت المخاطبات بين الدول وبينها وبين الباب العالى، وتقرر عقد لجنة بالإستانة العلية للنظر فى هذه الحادثة، وفى أثناء ذلك أطلقت على الإسكندرية المدافع من المراكب الانجليزية وقاومت العساكر المصرية سويعات ثم انهزموا، وخرجوا من الإسكندرية بعد اشعالهم النار فيها، وحثوا أهلها على الخروج فخرجوا هائمين على وجوههم كيوم المحشر وتفرقوا فى البلاد، وحصل لهم من السلب والنهب وهتك الحريم ما يكل القلم عن حصره، ودخل الإنجليز الثغر ونحصن العرابى ومن معه بطواب عملوها من تراب بكفر الدوار، وسدوا المحمودية ليمنعوا وصول الماء إلى الإسكندرية وكثر الممدون لهم بالأنفس والأموال ما بين راغب وراهب، وعم الخوف كل من لم يتشيع لهم وامتلأت الطوبخانة ممن تظاهر بمخالفتهم. وفى خلال تلك الأحوال كان قد تشكل بالقاهرة مجلس عرفى بأمر العرابى للنظر فى المصالح، وكثيرا ما عقدوا مجالس للنظر فى مسائل تعرض من طرف العرابى وحزبه، وفى آخر مرة عقد مجلس بديوان الداخلية بالقاهرة ندب إليه كثير من الأمراء والعلماء والروحانيين وأعيان البلد، وكنت قد حضرت من بلدى لقضاء بعض المصالح فكنت ممن ندب إليه فعينت سفيرا إلى الإسكندرية مع جماعة من الوطنيين، فلما وصلنا إلى الإسكندرية تكلمت فى عمل طريقة لما يوجب خمود نيران هذه الفتنة، فأجاب الجناب الخديوى وصارت المكالمة فى هذا الشأن مع رؤساء الإنجليز، لكن لم ينجح ذلك لمزيد نفرة العسكرية، ولما خاف العرابى أن يتحوّل الإنجليز إلى جهة برزخ السويس تحول بأكثر عسكره إلى التل الكبير بالشرقية فتحصنوا هناك ووقع بينهم