وذكر أيضا أنه وصل إلى جزيرة عدى إلى الجانب الآخر فى مركب صغير يسمى باللغة القبطية بكتون، كان مصنوعا من عيدان الحسك شبيها بالحصير فعدى بسهولة، وإن كانت أقدام من عليها فى الماء، ولم يكن فيها غير دكة واحدة للجلوس، وكان الراكب العادى لتلك المعادى يخشى من الفرق إذا كان حملها خفيفا فإذا كان ثقيلا أمن من ذلك.
وقيل إن معبودى المصريين أورريس وإزيس كانا إذا ماتا يدفنان فى جزيرة وسط النيل، وهى الحد بين مصر وايثوبيا أمام مدينة فيلة، وكانوا يسمون تلك الجبانة بالغيط أو الخلاء المقدس، واستدل القائلون بذلك بتشييد المصريين هياكل فى تلك الجزيرة، وهى قبر أوزريس الذى كان يحترمه جميع القسيسين المصريين، وكان بدائر حيطانه ٣٦٠ قارورة تملؤها القسيسون خدمة هذا المحل لبنا حليبا فى يوم افتتاح السنة، ويصرخون عند ذلك صرخات وينادون باسم هذين المعبودين، ومن ثم لم يكن لأحد من غير القسيسين حق دخول تلك الجزيرة، ولم يكن لأهل الصعيد يمين وثيق إلا الحلف باوزريس المدفون فى جزيرة فيلة.
وفى أراضى هذه المدينة كثير من آثار ميان عتيقة ما بين مصرية ورومنية وعربية، وهى تشهد بقدم هذه الجزيرة وما كان لها من الأهمية عند المصريين ومن عقبهم على تخت الديار المصرية. ومن أمعن نظره فى الصور المرسومة على جدران تلك الأبنية استدل على أن الديار المصرية توالت عليها عدة أديان، ورأى أثر الديانة العتيقة وأثر الديانة الوثنية التى أعقبتها، ثم أثر الديانة العيسوية والديانة المحمدية.
ويفهم من الكتابة المرقومة على جدران المبانى كيف تتعاقب الأعصار وتذهب الأجيال، فهذه الجزيرة إن كانت صغيرة السعة لم يكن بها محل إلا وبه أثر يخبر عن تقادم الزمان وتعاقب الحدثان.
وذكر بعضهم ما كانت عليه فى سنة ١٢١٣ فقال: إن من وقف فى النهاية الجنوبية