وأما الدهيبة ففائدتها راجعة للبذر، فيستعين بها الباذر على اتقانه وموازنته، فيبذر فيها على حسب الأرض، فإن الأراضى تختلف فى طلب البذر قلة وكثرة، فقد يحتاج الفدان إلى نصف أردب من القمح أو أكثر وذلك فى الأرض الزرقاء، وقد يكتفى بويبة كما فى بعض أراضى الجزائر، وللباذر فى حال بذره خطوات متوازنة/ويبذر بيده اليمنى بقوة متوازنة، فيكون بذره فى نصف عرض الدهيبة ثم يرجع فيها فيبذر النصف الآخر، وذلك بعد تشقيق الأرض تشقيقا غليظا واسعا-ويسمى برشا وبراشا-وبعد البذر تشقق ثانية لتغطية البذر تشقيقا بليغا بحيث تنحل الأرض وتنقلب طبقة من وجهها-ويسمى ذلك رد أو رداد-وقد يكتفى فى الحرث وإثارة الأرض بتشقيقها مرة واحدة مبالغا فيها بعد بذرها بلاطا-ويسمى ذلك أخذا بالسكة-وذلك إذا كانت الأرض سهلة صفراء الطينة، وأكثر ما يكون ذلك فى زرع الشعير والعدس ونحوهما، أما البرسيم ونحوه فالغالب زرعه من غير إثارة للأرض، بل يبذر حبه بعد نزول الماء عن الأرض قبل جفافها، ثم يغطى بآلة من الخشب-تسمى لوحا-ويسمى ذلك تلويقا، وإذا طال مكث الماء على الأرض إلى نصف شهر بابه فأكثر، صح زرع الفول والقمح لوقا بلا إثارة للأرض بل يكون ذلك فى الفول أجود وأكثر متحصلا.
ثم إنه يمر الآن فى وسط هذه البلدة فرع من تلغراف الوجه القبلى المار فى الحاجر الغربى، يتفرغ عند نزل القاضى من بلاد الهلة على جسر كوم بدر، مشرقا إلى أن يشق بنجا فيستقيم مقبلا إلى أن يرد المحطة فى مدينة طهطا.
ومن حوادث هذه البلدة أنه فى أوائل نزول أحمد باشا طاهر حاكما على الصعيد قبل سنة ١٢٤٠، كان بها عمدة مشهور يدعى حسن بن أبى زيد، كان كريما شجاعا مقداما، ووقعت له عدة شدائد. منها، أنه فى هذا التاريخ حصل تشاجر فى سوق هذه البلدة بين بعض الأهالى والعساكر، فتطاول الأهالى على العساكر وضربوهم، ثم تغلب