للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النيل تأتى فيه المراكب والزوارق ويقع التنزه أياما عديدة ويزور بعضهم بعضا، وهى أيام مشهورة عندهم، وتسافر فيه المراكب إلى الفسطاط وغيرها من البلدان، ويمكث الماء فيه ستة أشهر ويصطادون منه السمك، وكان هذا الخليج أعظم خلجان مصر وكانت العمارة والبساتين ممتدة من رمال رشيد إلى العقبة مغربا، ومقبلا من الإسكندرية إلى الكريون وقيل إلى الفيوم، وكان الرجل يسير فى العمارة فلا يحتاج إلى زاد من كثرة الفواكه والثمار وغالب مسيره تحت ظلال الأشجار انتهى.

وفى موضع آخر منه أنه فى السابع والعشرين من شعبان سنة ٧٦٤ دخلت ثلاثة أغربة، (مراكب)، فى مينا بوقير وأخذوا من قصور البساتين ستة وستين شخصا من المسلمين ما بين رجال ونساء وصبيان وأثاثا ومضوا بهم إلى ساحل صيدا بالشام وافتداهم منهم المسلمون ورجعوا جميعا إلى أوطانهم ببوقير.

وذكروا أن عدة الإفرنج أصحاب الغربان الثلاثة مائة نفس، ولما سمع صاحب قبرس بفعلهم ذلك بأهالى بوقير ولم يجرد أحد فى وجوههم سيفا طمع فى الإسكندرية، وقام واستولى عليها بعد حرب طويل ثم أجلوه عنها انتهى.

وفى ليمان بوقير هذا كانت وقعة عظيمة بين مراكب الإنجليز ومراكب الفرنساوية حين غزا الفرنساوية بلاد مصر وأحرقت الإنجليز مراكب الفرنساوية، وكان أمرا مهولا تأثرت منه الفرنساوية تأثرا كبيرا لأن ذلك كان سببا فى انقطاع المدد عنهم وانقطاع مجئ الأخبار من بلادهم، وكان ذلك فى أول شهر أغسطس سنة ألف وسبعمائة وثمانية وتسعين ميلادية الموافقة لسنة ألف ومائتين واثنى عشر هجرية.

ومحصل هذه الواقعة كما فى تاريخ الجبرتى أن/أمير الجيوش الفرنساوية نابليون بونابرت فى ابتداء قدومه أخرج العساكر من المراكب إلى البر فى ثغر الإسكندرية، وأمر سر عسكر البحر أن يبقى مقيما فى البوغاز لحماية الحصون لأنه قد احتسب أن لم يتوفق له الاستيلاء على مصر أن يحتاج إلى الدونانمة وأوصاه أن لا يبقى مراسيه فى المينا، بل دائما يطوف أمام الإسكندرية وهو مشرع القلوع ثم بعد أن استولى أمير الجيوش على مصر أرسل إلى السر عسكر نجابا يأمره بالقيام، وقيل إن ذلك النجاب مات فى الطريق ثم أرسل إليه نجابا ثانيا فلم يصله من العرب وكان السر عسكر ارمى مراسيه فى مينا بوقير فدهمته مراكب الإنجليز على بغتة وشرعوا يطلقون على مراكب