الفرنساوية القنابر والمدافع واشتد الحرب يوما وليلة فاحترق من تلك الدونانمة العظيمة أربع مراكب كبار، منها السفينة العظيمة المسماة أوريانت: أى المشرق واستمرت تتقد فى البحر أربعة أيام، ومات من فيها من العسكر وسر عسكرها الذى لسوء تدبيره قد هلك وأهلك معه نفوسا كثيرة، واستحوذت الإنجليز على أكثر تلك المراكب وأسروا من فيها من العساكر وهلك أكثرهم من ضرب المدافع والقنابر.
ولما وصل ذلك الخبر الفظيع والخطب الشنيع إلى أمير الجيوش بونابرت صار كالمدهوش، وصاحت الفرنساوية: يا لها من بلية! قد خابت الآمال وهلك المال والرجال وامتنع عنا الإمداد وقل الإسعاف والإسعاد، وكان عدد مراكب الفرنساوية سبعة عشر، منها سبعة كل واحدة فيها أربعة وسبعون مدفعا وثلاثة فى كل واحدة منها ثمانون مدفعا ومركب سر عسكر كان فيها مائة وعشرون مدفعا، وفى كل واحدة من البقية أربعون فكان مجموع مدافعهم ألفا ومائة وستة وأربعين مدفعا، وكانت مراكب الإنجليز خمسة عشر فى كل واحدة أربعة وسبعون مدفعا ماعدا واحدة فكانت مدافعها أربعة وثلاثين مدفعا، ولم يمض إلا زمن قليل وانتهز الفرنساوية فرصة أخذوا فيها ثأرهم فى وقعة حصلت بينهم وبين الإنجليز والترك وذلك فى تسع وعشرين من يوليا سنة ألف وسبعمائة وتسعة وتسعين ميلادية، موافقة سنة ألف ومائتين وأربعة عشر هجرية وحاصلها.
أنه بعد رجوع بونابرت من الشام أتت قدّام الإسكندرية مائة مركب من مراكب أعدائهم فرموا مخاطفهم فى مينا بوقير ثم نزلوا بمدافعهم إلى البر واستولوا على التراس والقلعة فحضر إليهم بونابرت بنفسه ومعه عساكره فالتحم القتال بينهم واشتد النزال ومات كثير من الفريقين وآل الأمر إلى نصرة الفرنساوية، وصار القبض على مصطفى باشا حاكم الرميلى وجميع ضباطه، وأخذوا أسرى تحت أيدى الفرنساوية وبلغ خبر ذلك مصر القاهرة فنزل على أهلها الحزن، لأنهم كانوا مؤملين أن الجيش العثمانى يجليهم عن البلاد فخابت آمالهم ودخل بونابرت القاهرة فى خامس شهر ربيع الأول ومعه مصطفى باشا وولده من جملة الأسرى وفى ثانى يوم من دخوله حضرت إليه جميع الحكام والعلماء والأعيان وأرباب الديوان وهنّوه بقدومه وانتصاره فنظر إليهم بعين فراسته فوجدهم فى حزن عظيم، وقد بلغه الهرج الذى حصل فى غيابه، فقال لهم