وعنده معامل وبلد كبير له سور خال من السكان وصهاريج للماء، وفى وسط الجميع ساقية دائرها نحو خمسين مترا مرتدمة لم يظهر منها إلا قليل، مبنى بالحجر والدّبش ولها صواديد قائمة ومجارى الماء مبنية بالطوب الأحمر والمونة متوجهة فى جهات مختلفة.
وجبل الدخان المذكور واقع فى شرق قنا إلى الشمال بينه وبينها ستة أيام ويمر المسافر من قنا إليه بجبل القطار، وطريقه سهلة سلوكة، وبها توجد المياه، ثم إنا بعد أن وصلنا إلى قنا واسترحنا بها سافرنا فى طريق القصير إلى جبل الحمامات فوصلنا إليه بعد أربع وعشرين ساعة وبذلك الجبل حجر السماق الأخضر المعرق بعروق وبقع بألوان مختلفة، وعلى بعد ساعتين من جبل الحمامات وصلنا إلى محل يعرف بالفواخير، وبه وجدنا رخاما أسود يميل إلى الزرقة، وبه عروق خضر ببياض وهو فى أعلى الجبل، ويستخرج منه قطع ضلعها ثلث متر ومنه نوع أسود به بقع كهيئة الأزهار ذات اصفرار يوجد بداخل مغارة صغيرة تحت النوع الأول على يمين المسافر مشرقا إلى جهة القصير انتهى.
وقد تكلم العالم لطرون فى كتابه الذى تكلم فيه على الكتابات اليونانية التى وجدت على المبانى على هذه المحاجر فنذكر طرفا من كلامه لزيادة الفائدة فنقول قال لطرون أن الطريق من قفط إلى مينا القصير قدرها الأقدمون بخمسة أيام أو ستة وكان بها ثمان محطات للاستراحة وتجديد الماء، وفى الطريق بقرب وادى الحمامات كانت محاجر السماق الأخضر، التى استخرج منها المصريون واليونانيون والرومانيون ما صنعوا منه الجرون والتماثيل وأشياء كثيرة، وأحسن جميع ذلك الجرن الذى وجد فى جامع عطناس بالإسكندرية، ونقلته الفرنساوية من الجامع ليذهبوا به إلى بلادهم فأخذه منهم الإنكليز فى وقعة بوقير، وهو الآن فى دار التحف ببلاد الإنكليز.
وكان مؤرخو العرب يقولون إنه تابوت جثة الإسكندر وقد تحقق الآن أنه تابوت جثة الفرعون أمرتيه من فراعنة العائلة الثامنة والعشرين وكان على تخت الديار المصرية مدة حكم الفرس من سنة أربعمائة وأربع عشرة إلى سنة أربعمائة وثمانية قبل المسيح وما على هذا الجرن من النقوش والكتابة يدل على أن الفنون كانت موجودة وآخذة فى التقدم ولم يضع منها شئ إلى زمن الإسكندر وأكثر ما كان يستخرج حجر