بها عدة أيام، ثم قام إلى الإسكندرية من طريق الصحراء وكان فى أثناء سفره يشتغل بالصيد وحفر الآبار وطلب لذلك العمال من الإسكندرية، ولما وصل إليها خيم خارجها ومنع عساكره من دخولها.
وفى يوم الخميس من ذى الحجة دخلها من باب رشيد وهرعت الناس لملاقاته ويومئذ صدرت أوامره باستمرار ما كان يصرف على الفقراء وبرفع عدة مظالم وغرامات وخلع على الأمراء ثم ذهب لزيارة الشيخ العمارى فلم ينزل الشيخ إليه بل خاطبه وهو فى غرفة له فى داخل بستان والسلطان على الأرض، ثم توجه لزيارة الشيخ الشاطبى وقد عرضت عليه وهو بالإسكندرية أوراق من رجلين أحدهما يعرف بابن البورى والآخر يعرف بمكرم بن الزيات، فأحضر الأتابيك والصاحب (الوزير) والقاضى والمفتين وقرئت الأوراق فإذا مضمونها بيان وجوه يأتى منها إيراد كثير للحكومة فغضب لذلك وأبى أن يقدم على شئ منها وكان على غاية من العدل والرفق بالرعايا، وقال إنى صرفت فى رضا الله ﷾ ستمائة ألف دينار وقد عوضنى الله عنها مملكة عظيمة ومن يوم أبطلت الغرامات زاد إيراد المملكة كما يدل لذلك الدفاتر، وقد تحقق لى أنه ما من أحد يصرف شيئا فى مرضاة الله إلا عوضه الله خيرا منه ثم أمر بتعزير الرجلين، ثم قام من الإسكندرية إلى مصر فى ثانى عشر الحجة ونزل بتروجة وجمع فيها العرب ليتسابقوا أمامه بالخيل وجعل جملة من صرر الدنانير والدراهم فى رايات على أن من سبق يأخذ منها.
ونقل كترمير أيضا أن السلطان بيبرس/قد ختن ابنه الملك سعيد بركة خان فى شهر ذى الحجة من سنة ستمائة واثنتين وستين، وختن معه جملة من أولاد الأمراء والفقراء واليتامى ولم يقبل شيئا من الهدايا المعتادة فى الأفراح، ثم ركب بعسكره فنزل بالطرانة ثم توجه إلى وادى هبيب فأقام بالديورة أياما ثم مضى إلى تروجة ثم إلى الحمامات ثم إلى العقبة وفيها أمر بالحلقة المعتادة للصيد وهى أن يحيط العسكر بمتسع من الفلاة ثم يأخذوا فى الانضمام شيئا فشيئا حتى يمسكوا ما بداخل الحلقة من أنواع الوحش، وصلى هناك صلاة عيد النحر ثم أرسل طائفة من العسكر لضبط العرب المفسدين فى الأرض وأحضر عرب هوارة وسليم وأخذ عليهم شروطا بأن لا يؤووا أحدا من أهل الفساد وأن يشتغلوا بالزرع والحرث، ثم مضى إلى الإسكندرية