للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النائب ولا اجتماع إلا به، ولا يجتمع ناظر الجيش بالسلطان فى أمر من الأمور، فلما أبطل الملك الناصر محمد بن قلاوون النيابة صار ناظر الجيش يجتمع بالسلطان واستمر ذلك بعد إعادة النيابة.

وكان الوزير وكاتب السر يراجعان، النائب فى بعض الأمور دون بعض،، ثم اضمحلت نيابة السلطنة فى أيام الناصر محمد بن قلاوون وتلاشت أوضاعها فلما مات أعيدت بعده ولم تزل إلى أثناء أيام الظاهر برقوق، وآخر من وليها على أكثر قوانينها الأمير سودون الشيخى، وبعده لم يل النيابة أحد فى الأيام الظاهرية.

ثم إن الناصر فرج بن برقوق أقام الأمير تمراز فى نيابة السلطنة فلم يسكن دار النيابة فى القلعة ولا خرج عما يعرفه من حال حاجب الحجاب ولم يل النيابة بعد تمراز أحد إلى يومنا هذا.

وكانت حقيقة النائب أنه السلطان الثانى، وكانت سائر نواب الممالك الشامية وغيرها تكاتبه فى غير ما تكاتب فيه السلطان ويراجعونه فيه كما يراجع السلطان، وكان يستخدم الجند ويخرج الاقطاعات من غير مشاورة، ويعين الإمرة لكن بمشاورة السلطان.

وكان النائب هو المتصرف المطلق التصرف فى كل أمر فيراجع فى الجيش والمال والخبر وهو البريد وكل ذى وظيفة لا يتصرف إلا بأمره ولا يفصل أمرا معضلا إلا بمراجعته، وهو الذى يستخدم الجند ويرتب فى الوظائف إلا ما كان منها جليلا، كالوزارة والقضاء وكتابة السر والجيش فإنه يعرض على السلطان من يصلح، وكان قل أن لا يجاب فى شئ يعينه.

وكان من عدا نائب السلطنة بمصر يليه فى رتبة النيابة وكل نواب الممالك تخاطب بملك الأمراء إلا نائب السلطنة بمصر فإنه يسمى كافل الممالك تميزا له وإبانة عن عظيم محله، وبالحقيقة ما كان يستحق اسم نيابة السلطنة بعد النائب بمصر سوى نائب الشام بدمشق فقط، وكانت النيابة تطلق أيضا على أكابر نواب الشام وليس لأحد منهم من التصرف ما كان لنائب دمشق إلا أن نيابة السلطنة بحلب تلى رتبة نيابة السلطنة بدمشق، وقد اختلت الآن الرسوم واتضعت الرتب وتلاشت الأحوال وعادت أسماء لا معنى لها وخيالات حاصلها عدم والله يفعل ما يشاء انتهى.