كل يد ثلاثة أذرع وهو أملس أغير غليظ الجلد مخطط البطن ببياض وسواد ولسانه أحمر، وفيه حمل كالريش طوله نحو الذراع يعمل منه أمشاط شبه الذبل، وله عينان كعينى البقر فأمر أمير تنيس أبو إسحق به فشق بطنه وملح بمائة أردب ملح ورفع فكه الأعلى بعود خشب طويل وكان الرجل يدخل إلى جوفه بقفاف الملح وهو قائم غير منحن وحمل إلى القصر حتى رآه العزيز بالله.
وفى ليلة الجمعة ثامن عشر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وثلاثمائة شاهد أهل تنيس تسعة أعمدة من نار تلتهب فى آفاق السماء من ناحية الشمال فخرج الناس إلى ظاهر البلد يدعون الله تعالى حتى أصبحوا فخبت تلك النيران، وفيها صيد ببحيرة تنيس حوت طوله ذراع ونصفه الأعلى فيه رأس وعينان وعنق وصدر على صورة أسد ويداه فى صدره بمخالبه ونصفه الأدنى صورة حوت بغير قشر فحمل إلى القاهرة.
وفى سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ولدت جارية بنتا برأسين أحدهما بوجه أبيض مستدير، والآخر بوجه أسمر فيه سهولة فى كل وجه عينان فكانت ترضعهما وكلاهما مركب على عنق واحد فى جسد واحد بيدين ورجلين وفرج ودبر، فحملت إلى العزيز حتى رآها ووهب لامها جملة من المال ثم عادت إلى تنيس وماتت بعد شهور.
وفى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة وصل إلى تنيس من شوانى صقلية نحو أربعين مركبا فحصروها يومين وأقلعوا ثم وصل إليها من صقلية أيضا فى سنة ثلاث وسبعين نحو أربعين مركبا فقاتلوا أهل تنيس حتى ملكوها، وكان محمد بن إسحق صاحب الأصطول قد حيل بينه وبين مراكبه، فتحيز فى طائفة من المسلمين إلى مصلى تنيس، فلما أجنّهم الليل هجم بمن معه البلد على الفرنج وهم فى غفلة فأخذ منهم مائة وعشرين فقطع رءوسهم فأصبح الإفرنج إلى المصلى وقاتلوا من بها من المسلمين، فقتل من المسلمين نحو السبعين وسار من بقى منهم إلى دمياط فمال الإفرنج على تنيس وألقوا فيها النار فأحرقوها وساروا وقد امتلأت أيديهم بالغنائم والأسرى إلى جهة الإسكندرية بعد ما أقاموا بتنيس أربعة أيام.
ثم لما كانت سنة ست وسبعين وخمسمائة نزل فرنج عسقلان فى عشر حراريق على أعمال تنيس وعليها رجل منهم يقال له المعز فأسر جماعة وكان على مصر الملك العادل من قبل أخيه الملك الناصر صلاح الدين يوسف عندما سار إلى بلاد الشام، ثم مضى