المعز وعاد فأسر ونهب فثار به المسلمون وقاتلوه فظفرهم الله به وقبضوا عليه وقطعوا يديه ورجليه وصلبوه.
وفى سنة سبع وسبعين وخمسمائة انتدب السلطان لعمارة قلعة تنيس وتجديد الآلات بها عندما اشتد خوف أهل تنيس من الإقامة بها فقدّر لعمارة سورها القديم على أساساته الباقية مبلغ ثلاثة آلاف دينار من ثمن أصناف وآجر، وفى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة كتب بإخلاء تنيس ونقل أهلها إلى دمياط فأخليت فى صفر من الذرارى والأثقال ولم يبق بها سوى المقاتلة فى قلعتها وفى شوّال من سنة أربع وعشرين وستمائة أمر الملك الكامل محمد بن العادل أبى بكر بن أيوب بهدم مدينة تنيس، وكانت من المدن الجليلة تعمل بها الثياب السرية وتصنع بها كسوة الكعبة.
قال الفاكهى فى كتاب أخبار مكة ورأيت كسوة مما يلى الركن الغربى يعنى من الكعبة مكتوبا عليها مما أمر به السرّى بن الحكم وعبد العزيز بن الوزير الجروى بأمر الفضل بن سهل ذى الرياستين، وطاهر بن الحسين سنة سبع وتسعين ومائة، ورأيت شقة من قباطى مصر فى وسطها إلا أنهم كتبوا فى أركان البيت بخط دقيق أسود مما أمر به أمير المؤمنين المأمون سنة ست ومائتين، ورأيت كسوة من كسا المهدى مكتوبا عليها «باسم الله بركة من الله لعبد الله المهدى محمد أمير المؤمنين أطال الله بقاءه». مما أمر به إسمعيل بن إبراهيم أن يصنع فى طراز تنيس على يد الحكم بن عبيدة سنة اثنتين وستين ومائة ورأيت كسوة من قباطى مصر مكتوبا عليها باسم الله بركة من الله مما أمر به عبد الله المهدى محمد أمير المؤمنين أصلحه الله محمد بن سليمان أن يصنع فى طراز تنيس كسوة الكعبة على يد الخطاب بن مسلمة عامله سنة تسع وخمسين ومائة.
قال المسبحى (١) فى حوادث سنة أربع وثمانين وثلثمائة، وفى ذى القعدة ورد يحيى ابن اليمان من تنيس ودمياط والفرما بهديته، وهى أسفاط وتخوت وصناديق مال وخيل وبغال وحمير وثلاث مظال وكسوتان للكعبة، وفى ذى الحجة سنة اثنتين وأربعمائة وردت هدية تنيس الواردة فى كل سنة منها خمس نوق مزينة ومائة رأس من
(١) انظر كتاب تاريخ المسلمين-لجرجس بن العميد بن أبى المكارم ط ليدن سنة ١٦٢٥ م.