من الإقليم الرابع طيّبة الهواء يندر بها الأمراض الوبائية، ويقال أن من يدفن بها من الأموات لا يبلى جسمه إلا بعد البط ء ويبقى شعره، وفى تنيس كثير من السمك والطير وأهلها يخزنون الماء فى صهاريج فيبقى زمنا طويلا ولا يتغير، وطول المدينة من الجنوب إلى الشمال ثلاثة آلاف ومائتان وسبع وعشرون ذراعا كبيرة، وعرضها من الشرق إلى الغرب ثلاثة آلاف وخمس وثمانون ذراعا كذلك وطول سورها ثلاثة آلاف ومائتان وسبعون ذراعا ولها تسعة عشر باب مصفحة بالحديد، وبها جامع طوله مائة ذراع وعرضه إحدى وسبعون ذراعا، ويوقد فيه كل ليلة ألف وثمانمائة قنديل، وبها غير هذا الجامع مائة وستون جامعا صغيرا كلها بمنارات وبها اثنتان وسبعون كنيسة، وستة وثلاثون حماما، ومائة معصرة للزيت، ومائة وست وستون طاحونا ومخبزا وخمسة آلاف منسج لنسج الأقمشة وقد هدم الحاكم كنائسها وبنى محلها مساجد.
وفى المقريزى عند ذكر دخول النصارى من قبط مصر فى طاعة المسلمين أنه لما مات سعيد بن بطريق بطرك الإسكندرية على الملكية فى يوم الاثنين آخر شهر رجب سنة ٣٢٨ بعد ما أقام البطركية سبع سنين ونصفا فى شرور متصلة بعث الأمير أبو بكر محمد بن طغج الأخشيد أبا الحسن من قوّاده فى طائفة من الجند إلى مدينة تنيس، حتى ختم على كنائس الملكية وأحضر آلاتها إلى الفسطاط وكانت كبيرة جدا فافتكّها الأسقف بخمسة آلاف دينار باعوا فيها من وقف الكنائس.
وفى تاريخ بطارقة الاسكندرية قيل إنه كان بتنيس عدة من شبان المسلمين خارجون عن طاعة الأمير يجبون من الأهالى جبايات وينهبون البيوت ويفعلون أفعالا قبيحة فأرسل المعز عسكرا القتال المدينة بناء على شكوى النصارى فقاومت العصاة العسكر ثم التجئوا للدخول تحت الطاعة بسبب قلة الماء العذب، فدعا أمير الجيش العصاة بعد المعاهدة وجعل لهم إكراما ثلاثة أيام وأهدى لكل واحد منهم خلعة وعشرة دنانير وكان عددهم مائة، ثم أمر بشنقهم جميعا فشنقوا على سور المدينة، وبعد ذلك هدم الأسوار جميعها.
وفى التاريخ المذكور حصل بمصر وباء كبير خرب مدينة تنيس حتى لم يبق بها غير مائة من سكانها.
وقال ابن حوقل إن بتنيس تلال من جثث الأموات بعضها فوق بعض يسمونها