برد من النعمة جديد، وأظل الرعية تحت جناح أمنه، وعمهم بطالع سعده ويمنه، وأظهر من الأعمال الجليلة والأفكار الجميلة، ما تتحلى به صحائف تاريخ مصر وتفتخر بذكر مزاياه أبناء هذا العصر، مما هو غنى عن الشرح والبيان، وشهد به لسان العيان لكل إنسان.
وقد كان لمدينة حلوان من ذلك نصيب وافر، جعلها على أبدع ما يكون من الانتظام والاتقان، من تشييد الأبنية وتكثير العمران حتى أصبحت للاعتناء بها من أبهج المدن التى تحدث عنها رواة الأخبار، وكانت دليلا قويا على مزيد اعتناء جنابه العالى بعمارة البلاد كما جبل عليه طبعه المنيف وفكره الشريف، حتى إن من قارن بعين النظر بين ما كانت عليه حالتها من بضع سنين وبين ما صارت إليه حالتها الآن، من حسن الانتظام علم أنها عمرت بعد الاندثار، وحييت بعد الدمار وذلك أنه لغاية هذه السنة الموافقة لسنة ١٨٧٩ م أفرنكية، كانت المدينة تابعة لدوائر العائلة الخديوية، وكانت المنازل المشيدة بها إحدى وستين منزلا، منها خمسة وعشرون محلا فى سنة ٧٨: منها محلات وأماكن الميرى واثنا عشر محلا فى سنة ٧٩ فلما استهلت سنة ١٨٨٠ أفرنكية، وانتظمت الأدارات والمصالح بعناية الجناب الخديوى صارت أشغال المدينة تابعة نظارة الأشغال، لاستكمال انتظام أعمال التنظيم بها، ثم أخذت الناس فى كثرة التردد، فشاهدوا من جودة الهواء بسبب ارتفاع أرضها عما يجاورها من الشمال والجنوب والغرب ما لا يوصف حسن تأثيره فى الأبدان بالصحة التامة والعافية العامة، وإنها من المدائن التى تؤثر على غيرها بالسكنى، وقد حصل من توجه أنظاره السامية إليها، أنه فى سنة ١٨٨٠ أفرنكية كمل فيها ثمانية منازل، وأسس فيها المرحوم شاهين باشا مسجدا، وفى سنة ١٨٨١ استجد ستة منازل، وفى سنة ١٨٨٢ اثنا عشر منزلا، وفى سنة ١٨٨٣ تسعة منازل، وفى سنة ١٨٨٥ شيدت السراية العامرة الخديوية على عشرين ألف متر مسطح فى الجهة البحرية للمدينة منها ١٠٠٠٠ متر للسكن الخصوصى و ١٠٠٠٠ متر لمعيته السنية وحاشيته الملوكية فجاءت على أبهج ما يكون من الوضع ونالت بها حلوان مزيد السعد والنفع، وقد جعل لتنويرها بالغاز وابورا مخصوصا، استنارت به داخلا وخارجا وكثرت رغبة الناس فى إنشاء المساكن حتى بلغ ما انتهى سنتها ثلاثة عشر منزلا.
وفى اكتوبر سنة ٨٨٦ شرفها ركابه العالى فاجتمع لها السعد والمجد، ونالت من