ثم فى سنة إحدى وخمسين بسبب وقوف هذا العمل رجع المترجم للأقاليم الوسطى، وفى سنة ثلاث وخمسين جعل مفتش هندسة عموم الأقاليم القبلية من الرقة إلى الشلالات بأعلى الصعيد، وبقى على ذلك إلى حادى عشر المحرم سنة ست وستين، فصار رفع المهندسين الأقدمين بأمر المرحوم عباس باشا ووضع بدلهم مهندسون من التلامذة الذين تربوا بمدرسة المهندسخانة ببولاق تحت نظارة لانبير بيك بعد امتحانهم على يدنا، فخلى المترجم من الخدامة فأعرض للديوان بطلب مشيخة بلده على حسب أصله فأجيب إلى ذلك، وقيد شيخا على نصف بلده، وهى باقية على اسمه إلى الآن وكذلك غنداق أطيانه وزاد عليها حتى جعلها مائة فدان.
وفى سنة سبعين تعين فى تفتيش الوجه القبلى وأحسن إليه برتبة البيكباشى، ثم فى خمس وسبعين ترقى إلى رتبة القائم مقام، وفى سنة ست وسبعين فى مدة المرحوم سعيد باشا رفعت المهندسون من الأقاليم فخلى أيضا من الخدامة، وفى سنة ثمانين ترتبت المهندسون بأمر الخديوى إسماعيل باشا فى الأقاليم كما كانت فتعين المترجم فى ديوان الأشغال رئيسا على المقايسات والمراجعة، وفى سنة خمس وثمانين جعل وكيل المرحوم بهجت باشا فى تفتيش وجه قبلى، ثم فى سنة ست وثمانين كان وكيلا عن سلامة باشا الذى ترتب عوضا عن بهجت باشا.
وفى هذه السنة كان النيل كثيرا، وانقطع جسر قشيشة فنسب إليه قطعه بدعوى أنه لم يتبع أوامر التفتيش فيما يلزم إجراؤه من المحافظات، فرفع بأمر عال وأحيلت قضيته على المجلس الخصوصى، ومن الخصوصى تحولت إلى ديوان الأشغال، وكنت إذ ذاك ناظرا على ديوان الأشغال فنظرت القضية فى كمسيون بالديوان فجاءت النتيجة ببراءته من ذلك، وبعد أن لزم بيته مدة رضى عنه وصدر الأمر بإلحاقة بديوان الأشغال بناء على طلب من الديوان، وذلك فى سنة تسعين وهو الآن رئيس المقايسات والمراجعة.
وقد أخبرنى أن إقامته فى الأقاليم القبلية فى الخدامات الميرية كانت سبعا وثلاثين سنة غير ما تخللها من البطالات، باشر فيها جميع الأعمال الهندسية التى اقتضتها أحوال البلاد والأراضى، من عمل جسور وترع وقناطر وهى باقية إلى الآن وتقلبت عليه عدة من الحكام والمفتشين ولا يخفى/أن أحوال الرى قبل ذلك كانت غير منتظمة، لأنها