للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمسيو فرسنل الذى طالما كان يتشدق بقوله: «أنا على وزن فرزدق». لكونه أديبا فى لغته مدلا فى العربية بمعرفته وفصاحته، حتى انه شرع معى فى عمل شواهد للصحاح لكن لم يوفق باتمامه للنجاح، يسأله عن أديب معروف، بالإعتناء واللغة معروف، دمث الأخلاق لطيف العشرة بشرى التلاق. فكتب إليه يعرفه بى. فأجابه قد وقعت على مطلوبى، مع كلام يتضمن التماسه إبلاغ سلامى، مؤذن بأن المشار إليه تمام مرامى. ثم بالاتفاق الغريب المألوف إيراده لكل أديب، أن المذكور قد حضر من سفره، ولم أشعر بخبره. وكنت فى بعض الأيام عازما على الذهاب إلى الحمام وكان مرورى بخان الخليلى على جمع حافل بحانوت صاحب لى يعرف بصالح أفندى كامل، أتى إليه المومى إليه، يسأله عن وطنى أو حارة سكنى، فلما رآنى مارا عليه، قال هذا الأستاذ المشار إليه السيد إبراهيم عبد الغفار صاحب القدر والاعتبار. فما كان من الرجل إلا أن قام إلىّ مسلما فلقيته مبتسما إلا أنى خجلت لما رأيت عينه لعدم سبق العهد بينى وبينه. ولما أخبرنى صاحبى بالحال سرى عنى ما حاك بخلدى والبال، وتأملته فإذا إنسان قد وخطه الشيب وليس فى لسانه لكنة ولا عيب، طويل القامة كبير الهامة تلوح عليه إمارة، فصيح العبارة، كأنه عدنانى أو قحطانى، إلا أنه ذو زىّ عثمانى لا يتكلم إلا بفصيح الكلام، وله بفنون الأدب إلمام، فهزتنى إليه أريحية الطرب، وتعجبت من فصاحته مع أجنبيته كل العجب، فالتمس منى الذهاب إلى وطنه ليعرفنى محل سكنه، فلم يكن منى إلا الإمتثال وموافقته على ما قال، فرأيت له عادة المصريين فى مأكله ومشربه. وزى الأتراك فى حليته وأدبه.

ووقع بينى وبينه الاختيار على أن أمر عليه آخر النهار عند رجوعى من تصحيح كتب الرياضة بمدرسة مهندسخانة الفياضة، فربط لى ماهية مع قلة الزمن عظيمة لها عند الفقير وقع فى النفس وقيمة، على أن نقرأ معا كل يوم نحو نصف كراسة من شرح متن القاموس المسمى بتاج العروس لصاحب الخلق الحسن الهينى السيد محمد مرتضى الزبيدى الحسينى؛ مع التفهم والتفهيم لما صعب أو كان غير مستقيم مع مراجعة ما كان عنده من معتبرات اللغة الصحاح.

فقد كان عنده نسختان من كل من: القاموس والصحاح، ونسخة وأوّل أخرى من تاج العروس تزول برؤيتها العبوس، ثم نسخة من كتاب لسان العرب المشهور