ثم باب الزهومة. قال المقريزى: قيل له باب الزهومة لأن اللحوم وحوائج الطعام التى كانت تدخل إلى مطبخ القصر كان يدخل بها من هذا الباب، ويظهر من كلامه أنه كان من داخل الزقاق المشهور الآن بباب خان الخليلى الذى تجاه وكالة الجوهرجية، وموضعه الآن سور المدارس الصالحية.
فهذه أبواب القصر التسعة؛ بعضها من بناء جوهر، وبعضها من بناء المعز، وبعضها من بناء الحاكم بأمر الله، وكانت العادة - كما نقله المقريزى فى الخطط عن ابن الطوير - أن يبيت خارج باب القصر كل ليلة خمسون فارسا. فإذا أذن بالعشاء الآخرة داخل القاعة وصلى الإمام الراتب بها بالمقيمين فيها من الأستاذين وغيرهم وقف على باب القصر أمير يقال له سنان الدولة بن الكركندى، فإذا علم بفراغ الصلاة أمر بضرب النوبات من الطبل والبوق وتوابعهما من عدة وافرة بطريق مستحسنة ساعة زمانية، ثم يخرج بعد ذلك أستاذ برسم هذه الخدمة، فيقول أمير المؤمنين يرد على سنان الدولة السلام، فيصقع ويغرس حربته على الباب ثم يرفعها بيده، فإذا رفعها أغلق الباب وسار إلى حوالى القصر سبع دورات. فإذا انتهى ذلك جعل على الباب البياتين والفراشين المقدم ذكرهم، وأفضى المؤذنون إلى خزانتهم هناك ورميت السلسلة عند المضيق آخر بناء القصرين من جانب السيوفيين، فينقطع المار من ذلك المكان إلى أن تضرب النوبة سحرا قريب الفجر فتنصرف الناس من هناك بارتفاع السلسلة (اه).
وكان هذا القصر يشتمل على عدة مواضع، منها قاعة الذهب. قال المقريزى: ويقال لها قصر الذهب، بناه العزيز بالله نزار بن المعز، وكان يدخل إليه من باب الذهب الذى كان مقابلا للدار القطبية التى هى اليوم المارستان المنصورى، ويدخل إليه أيضا من باب البحر الذى هو الآن تجاه المدرسة الكاملية، وهذه القاعة كانت الخلفاء تجلس بها فى المواكب يوم الاثنين ويوم الخميس، وكان يعمل بها سماط شهر رمضان للأمراء، وسماط العيدين وكان بها سرير الملك.
ومنها الإيوان الكبير بناه العزيز بالله أبو منصور نزار بن المعز لدين الله معدّ فى سنة تسع وستين وثلاثمائة. وكان الخلفاء أولا يجلسون به قبل أن تعمل قاعة الذهب، وكان بصدره الشباك الذى يجلس فيه الخليفة، وكان يعلو هذا الشباك قبة، وكان يمد فيه سماط رمضان والعيدين، ويعمل به الاجتماع والخطبة فى يوم عيد الغدير، وهو أبدا يوم الثامن عشر من ذى الحجة.