للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المقريزى: اعلم أن عيد الغدير لم يكن مشروعا ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم. وأوّل ما عرف فى الإسلام بالعراق فى أيام معز الدولة على بن بويه، فإنه أحدثه فى سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا. وأصلهم فيه ما خرّجه الإمام أحمد فى مسنده الكبير من حديث البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله فى سفر لنا، فنزلنا بغدير «خم»، ونودى: الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله تحت شجرتين، فصلى الظهر، وأخذ بيد على بن أبى طالب فقال: ألستم تعلمون أنى أولى بالمؤمنين من أنفسهم. قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أنى أولى بكل مؤمن من نفسه. قالوا: بلى فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه. اللهم وال من والاه. وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئا لك يا ابن أبى طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة».

وغدير «خم» على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة الطريق، وتصب فيه عين، وحوله شجر كثير.

ومن سنتهم فى هذا العيد أن يحيوا ليلته بالصلاة، ويصلوا فى صبيحته ركعتين قبل الزوال، ويلبسوا فيه الجديد، ويعتقوا الرقاب، ويكثروا من عمل البر ومن الذبائح. وقال ابن زولاق: وفى يوم ثمانية عشر من ذى الحجة سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وهو يوم الغدير تجمع خلق من أهل مصر والمغاربة ومن تبعهم للدعاء لأنه يوم عيد لأن رسول الله عهد فيه إلى أمير المؤمنين على بن أبى طالب، واستخلفه، فأعجب المعز ذلك من فعلهم وكان هذا أول ما عمل بمصر. (اه).

ومنها المحول، وهو مجلس الداعى، ويدخل إليه من باب الريح وبابه من باب البحر، ويعرف بقصر البحر، وكان فى وقت الاجتماع يصلى الداعى بالناس فى رواقه. قال ابن الطوير:

وأما داعى الدعاة، فإنه يلى قاضى القضاة فى الرتبة، ويتزيىّ بزيه فى اللباس وغيره، ووصفه أن يكون عالما بجميع مذاهب أهل البيت، يقرأ عليه، ويأخذ العهد على من ينتقل من مذهبه إلى مذهبهم وبين يديه من نقباء المعلمين اثنا عشر نقيبا، وله نواب كنواب الحاكم فى سائر البلاد، ويحضر إليه فقهاء الدولة … إلى آخر ما أطال به المقريزى فى وصفه ووصف الدعوة التى كان يدعو إليها.

ومنها دواوين الدولة. قال المقريزى: لما قدم المعز لدين الله إلى مصر، ونزل بقصره فى القاهرة جعل محل الدواوين بدار الإمارة بجوار الجامع الطولونى، فلما مات المعز، وقلد