يستطيع أن ينفذ الأمر على الصغير وغير ذلك مما هو معلومنا وبمشاهدتنا خصوصا ما وقع فى العام الماضى من إقدامهم على مصر المحمية وهجومهم عليها فى وقت الفجرية فجلاهم عنها حضرة المشار إليه، وقتل منهم جملة كثيرة وكانت واقعة شهيرة، فهذا شيئا لا ينكر. فحينئذ لا يمكننا التكفل والتعهد لأننا لا نطلع على ما فى السرائر، وما هو مستكن فى الضمائر.
فنرجو عدم تكليفنا بالأمور التى لا قدرة لنا عليها لأنا لا نقدر على دفع المفسدين والعصاة المتمردين الذين أهلكوا الرعايا ودمروهم، فأنتم خلفاء الله على خليقته وأمناؤه على بريته، ونحن ممتثلون لولاة أموركم فى جميع ما هو موافق للشريعة المحمدية على حكم الأمر من رب البرية فى قوله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»(١). فلا تسعنا المخالفة فيما يرضى الله ورسوله. فإن حصل منهم خلاف ذلك نكل أمرهم إلى مالك الممالك لأن أهل مصر قوم ضعاف، وقال ﵊:«أهل مصر الجند الضعيف فما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته». وقال أيضا:«كل راع مسئول عن رعيته يوم القيامة».
ونفيد أيضا حضرة المسامع العلية من خصوص الفرض والسلف التى حصل منها التعب للأهالى من حضرة محسوبكم الوزير محمد على باشا فإنه اضطر إليها لأجل إغراء العساكر وتقويتهم على دفع الأشقياء والمفسدين والطغاة المتمردين امتثالا لأمر الدولة العلية فى دفعهم والخروج من حقهم واجتهد فى ذلك غاية الاجتهاد رغبة فى حصول ما يرضى الدولة العلية، والأمر مفوض إليكم، والملك أمانة الله تحت أيديكم.
نسأل الله الكريم المنان أن يديم العز والامتنان لسدّة السلطان مع رفعة تترشح بها فى النفوس عظمته وسطوة تسرى بها فى القلوب مهابته، وأن يبقى دولته على الأنام وأن يحسن البدء والختام بجاه سيدنا محمد خير البرية ﷺ وعل آله وصحبه ذوى المناقب الوفية. ا. هـ.