وكتبوا من ذلك نسختين، إحداهما إلى القبطان والأخرى إلى السلطان، وكتبوا إليهما الإمضاء والختوم وأرسلوهما.
وفى ليلة الاثنين السابع والعشرين من الشهر، وصل شاكر أغا سلحدار الوزير إلى بولاق، فتلقوه وأركبوه إلى بيت الباشا، فلما أصبح النهار أرسلوا أوراقا للمشاريخ، وأوراقا إلى الشيخ السادات، وأوراقا إلى السيد عمر النقيب، وكلها من قبودان باشا، على نسق واحد بالعربى، وعليها الختم الكبير، ومعه فرمان رابع باللغة التركية خطابا للجميع، ومضمون الكل الأخبار بعزل محمد على باشا عن ولاية مصر وولايته سلانيك، وولاية السيد موسى باشا المنفصل عنها على مصر، وأن يكون الجميع تحت الطاعة والامتثال للأوامر، مع الاجتهاد فى المعاونة على تشهيل محمد على باشا فيما يحتاج إليه من السفن ولوازم السفر، ليتوجه هو وحسن باشا والى دجرجا من طريق دمياط بالإعزاز والإكرام وصحبتهما جميع العساكر من غير تأخير حسب الأوامر السلطانية.
ثم إنهم اجتمعوا فى عصر ذلك اليوم بمنزل السيد عمر، وركبوا إلى الباشا، فلما استقروا بالمجلس، قال لهم: وصلت إليكم المراسلات الواردة صحبة السلحدار، قالوا: نعم، قال: وما رأيكم فى ذلك؟. فقال الشيخ الشرقاوى: ليس لنا رأى، والجميع على رأيك. فقال لهم: فى غد أبعث إليكم صورة تكتبونها فى رد الجواب.
فأرسل لهم من الغد صورة مضمونها: أن الأوامر الشريفة وصلت إلينا، وتلقيناها بالطاعة والامتثال، إلا أن أهل مصر ورعيتها قوم ضعاف، وربما عصت العساكر عن الخروج فيحصل لأهل البلد الضرر وخراب الدور وهتك الحرمات، وأنتم أهل الشفقة والرحمة، وغير ذلك من الكلام اللين المتضمن للاعتذار، فكتبوها وأرسلوها.
وفى أثناء ذلك أخذ محمد على باشا فى الاهتمام والتشهيل وإظهار الحركة والخروج لمحاربة الألفى، وبرزت العساكر إلى ناحية بولاق وعدوا بالخيام إلى البر الغربى، وحصل التنبيه على مشايخ الحارات أن يكتبوا أسماء كل من كان متصفا بالجندية ومحل سكنهم ففعلوا، وكذلك أمر الوجاقلية جليلهم وحقيرهم بالخروج للحرب، وشرع فى تقرير فرضة على البلاد البحرية إلى آخر مجرى النيل، وجعلها