بعد هذه الوقائع سافر، المترجم، مع الإنكليز إلى بلادهم، واختار من مماليكه خمسة عشر شخصا أخذهم صحبته، وأقام عوضه أحد مماليكه، المسمى بشتك بيك- وسمى الألفى الصغير-أمره على مماليكه وأمرائه، وأمرهم بطاعته وأوصاه عليهم، وسافر فغاب ستة أشهر وبعض أيام، لأنه سافر فى منتصف شهر شوال سنة سبع عشرة، وحضر فى أول شهر القعدة سنة ثمانى عشرة.
وجرى فى مدة غيابه حوادث كثيرة منها:
خروج محمد باشا خسرو وتولية طاهر باشا ثم قتله، ودخول الأمراء المصرية وتحكمهم بمصر سنة ثمانى عشرة، وتأمير صناجق من أتباع المترجم، والذى جرى بها من الوقائع بتقدير الله تعالى، البارز بتدبير محمد على باشا.
وبعد انقضاء ذلك كله لم يبق إلا المترجم وجماعته والبرديس-الذى هو خشداشه-. وظهر بعد ذلك-المترجم-وكان مختفيا، وذهب إلى ناحية قبلى هو ومماليكه واجتمعت عليه امراؤه وأجناده، واستقام أمره واصطلح مع عشيرته، وجرى ما جرى من مجيئهم حوالى مصر وحروبهم مع العساكر فى أيام خورشيد باشا، وانفصالهم عنها بدون طائل ورجعوا إلى ناحية قبلى، ثم عادوا إلى ناحية بحرى بعد حروب ووقائع من حسن باشا، ومحمد على باشا ثم لما حصلت المفاقمة بينهما وبين خورشيد وأحمد باشا، وانتصر محمد على باشا، كانت الأمراء المصرية بناحية التبين، والمترجم منعزل عنهم بناحية الطرانة، والسيد عمر يراسله ويذكر له:«أن هذه الغنائم من أجلك وإعادة الأمر إليك وأنت المعين لذلك لظننا فيك الخير والصلاح».
ثم لما تولى محمد على باشا ونودى فى المدينة بعزل الباشا وتوليه محمد على، وبلغ المترجم ذلك وكان ببر الجيزة، رجع إلى البحيرة وأراد دمنهور، فامتنع عليه أهلها وحاربوه وحاربهم، وظهر له تلاعب السيد عمر مكرم-كما تقدم ذكره-ثم عاد المترجم إلى بر الجيزة وسكنت الفتنة.
واستقر الأمر لمحمد على باشا، وحضر قبطان باشا إلى ساحل أبى قير، ووصل سلحداره إلى مصر وأنزل أحمد باشا المخلوع عن الولاية من القلعة إلى بولاق ليسافر.
وأما المترجم فإنه أرسل كتخداه يطلب له الصلح مع محمد على باشا، فانشرح