فمازال سليمان أغا يتفاوض معهم فى ذلك، إلى أن اتفق مع إبراهيم بيك على دفع نصف المصلحة، ويقوم الألفى بالنصف الثانى، فقال:«سلمونى القدر اذهب به وأخبره بما حصل»، فقالوا:«حتى ترجع إليه وتعلمه وتطيب خاطره على ذلك لئلا يأخذ منا هذا المبلغ، ثم يطالبنا بغيره» .. فرجع إليه وأخبره بما دار بينهم. فقال:
«أما قولهم أنى أكون أميرا عليهم فهذا لا يتصور ولا يصح أنى أتعاظم على مثل والدى إبراهيم بيك، وعثمان بيك حسن، ولا على من هو فى طبقتى من خشداشيتى، على أن هذا لا يعيبهم ولا ينقص قدرهم أن يكون المتأمر عليهم واحدا منهم ومن جنسهم، وذلك أمر لم يخطر لى ببال، وإنما أرضى بأدنى فى ذلك، ويأخذون علىّ عهدا بما أشترطه على نفسى، أننا إذا عدنا إلى أوطاننا لا أداخلهم فى شئ ولا أعارضهم فى أمر، وأن يكون كبيرنا إبراهيم بيك على عادته، ويسمحوا لى باقامتى بالجيزة، ولا أعارضهم فى شئ، وأقنع بايرادى الذى كان بيدى سابقا، فإنه يكفينى، وإن اعتقدوا غدرى لهم فى المستقبل بسبب ما فعلوا معى من قتلهم حسين بيك تابعى، تعصبهم وحرصهم على قتلى أنا وأتباعى، فبعض ما أنا فيه الآن انسانى، ذلك كله، فإن حسين بيك المذكور مملوك وليس هو أبى ولا ابنى من صلبى وإنما هو مملوك اشتريته بالدراهم، ومملوكى مملوكهم وقد قتل لى عدة أمراء ومماليك فى الحرب، فأفرض هذا من جملتهم، ولا يصينى ويصيبهم إلا ما قدر الله علينا، وأيضا إن الذى فعلوه بى لم يكن لذنب ولا جرم حصل منى فى حقهم بل كنا الجميع إخوانا. وقد تذكروا إشارتى عليهم السابقة فى الالتجاء إلى الانكليز، وندموا على مخالفتى بعد الذى وقع لهم ورجعوا إلىّ، ثم اجتمع رأيهم على سفرى إلى بلاد الإنكليز فامتثلت ذلك وتحملت المشاق وقاسيت أهوال البحار سنة وأشهرا، وكل ذلك لأجل راحتى وراحتهم، وحصل ما حصل فى غيابى، ودخلوا مصر من غير قياس وبنوا قصورهم على غير أساس، واطمأنوا إلى عدوهم وتعاونوا على هلاك صديقهم، وأرسلت فنصحتهم فخالفونى، ودخل الكثير منهم/البلاد وانحصروا فى أزقتها، وجرى عليهم ما جرى من القتل وغيره، فارجع إليهم وذكرهم بأيام الوقائع وما جرى لهم فيها، لعلهم ينتهون وتأتى معك بالثلثين أو النصف الذى سمح به والدنا إبراهيم بيك، وهذا القدر ليس فيه مشقة، فإنهم إذا وزعوا على كل أمير عشرة أكياس، وعلى كل كاشف خمسة أكياس، وعلى كل جندى أو مملوك كيسا واحدا، اجتمع المبلغ وزيادة، وأنا