للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستولى على من بها، ولأربع مضين من شوال سقط الطائر بوصوله إلى دمشق، فضربت البشائر فى العسكر بالمنصورة وفى قلعة الجبل.

وسار من دمشق لثلاث بقين منه، فتواترت الأخبار بقدومه، وخرج الأمير حسام الدين بن أبى على، إلى لقائه فوافاه بالصالحية لأربع عشرة بقيت من ذى القعدة.

ومن يومئذ أعلن بموته، الملك الصالح، بعد ما كان قبل ذلك لا ينطق أحد بموته البتة، بل الأمور على حالها والدهليز السلطانى بحاله، والسماط على العادة، وشجرة الدر، أم خليل زوجة السلطان، تدبر الأمور، وتقول: «السلطان مريض، ما إليه وصول».

ثم سار من الصالحية، فتلقاه الأمراء والمماليك، واستقر بقصر السلطنة من المنصورة يوم الثلاثاء تاسع عشر ذى القعدة. وفى اثناء هذه المدة عمل المسلمون مراكب وحملوها على الجمال إلى بحر المحلة وألقوها فيه وشحنوها بالمقاتلة، فعند ما حاذت مراكب الفرنج بحر المحلة، وتلك المراكب فيه مكمنة، خرجت عليهم ووقع الحرب بينهما، وقدم الأسطول الإسلامى من جهة المنصورة وأحاط بالفرنج، فظفر باثنين وخمسين مركبا للفرنج، وقتل وأسر منهم نحو ألف رجل، فانقطعت الميرة عن الفرنج واشتد عندهم الغلاء وصاروا محصورين.

فلما كان أول ذى الحجة، أخذ الفرنج من المراكب التى فى بحر المحلة سبع حراريق وفرّ من كان فيها من المسلمين. وفى يوم عرفة برزت الشوانى الإسلامية إلى مراكب قدمت للفرنج فيها ميرة فأخذت منها اثنتين وثلاثين مركبا، منها تسع شوان، فوهنت قوة الفرنج وتزايد الغلاء عندهم، وشرعوا فى طلب الهدنة من المسلمين، على أن يسلموا دمياط ويأخذوا بدلا منها القدس وبعض بلاد الساحل فلم يجابوا إلى ذلك.

فلما كان اليوم السابع والعشرون من ذى الحجة أحرق الفرنج أخشابهم كلها وأتلفوا مراكبهم، يريدون التحصن بدمياط. ورحلوا فى ليلة الأربعاء لثلاث مضين من المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة إلى دمياط، وأخذت مراكبهم إلى الانحدار قبالتهم، فركب المسلمون أقفيتهم بعد ما عدوا إلى برهم.