للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطلع انفجر من يوم الأربعاء، وقد أحاط المسلمون بالفرنج وقتلوا وأسروا منهم كثيرا، حتى قيل إن عدد من قتل من الفرسان على فارسكور يزيد على عشرة آلاف، وأسر من الخيالة والرجالة والصناع والسوقة ما يناهز مائة ألف، ونهب من المال والذخائر والخيول والبغال ما لا يحصى. وانحاز الملك روادى فرنس وأكابر الفرنج إلى تل، ووقفوا مستسلمين، وسألوا الأمان فأمنهم الطواشى جمال الدين محسن الصالحى، ونزلوا على أمانه وأحيط بهم وسيقوا إلى المنصورة، فقيد روادى فرنس واعتقل، فى الدار التى كان ينزل فيها القاضى فخر الدين إبراهيم بن لقمان كاتب الإنشاء، ووكل به الطواشى صبيح المعظمى، واعتقل معه أخوه، ورتب له راتب يحمل إليه فى كل يوم.

ورسم الملك المعظم لسيف الدين يوسف بن الطورى-أحد من وصل صحبته من الشرق-أن يتولى قتل الأسرى، فكان يخرج منهم كل ليلة ثلثمائة رجل ويقتلهم ويلقيهم فى البحر، حتى فنوا.

ولما قبض على الملك روّاد فرنس، رحل الملك المعظم من المنصورة، ونزل بالدهليز السلطانى على فارسكور، وعمل له برجا من خشب، وتراخى فى قصد دمياط.

وكتب بخطه إلى الأمير جمال الدين بن يغمور نائبه بدمشق وولده توران شاه:

«الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن ﴿وَ مَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ (١) ﴿وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ﴾ (٢) ﴿وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (٣) ﴿وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها﴾ (٤) نبشر المجلس السامى الجمالى-بل نبشر المسلمين كافة-بما منّ الله به على المسلمين من الظفر بعدوّ الدين، فإنه كان قد استكمل أمره واستحكم شره، ويئس العباد من البلاد، والأهل والأصدقاء، فنودوا: ﴿لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ﴾ (٥)


(١) سورة آل عمران، جزء من الآية ١٢٦، أو سورة الأنفال جزء من الآية ١٠.
(٢) سورة الروم، جزء من الآيتين ٥،٤.
(٣) سورة الضحى، آية ١١.
(٤) سورة ابراهيم، جزء من الآية ٣٤.
(٥) سورة يوسف، جزء من الآية ٨٧.