«ولما كان يوم الاثنين مستهل السنة المباركة، وهى سنة ثمان وأربعين وستمائة، تمم الله على الإسلام بركتها، فتحنا الخزائن، وبذلنا الأموال، وفرقنا السلاح، وجمعنا العرب والمطوّعة وخلقا لا يعلمهم إلا الله، جاؤا من كل فج عميق ومكان سحيق، فلما رأى العدوّ ذلك أرسل يطلب الصلح على ما وقع الاتفاق بينهم وبين الملك الصالح، فأبينا».
«ولما كانت ليلة الأربعاء، تركوا خيامهم وأموالهم وأثقالهم، وقصدوا دمياط هاربين، فسرنا فى آثارهم طالبين، وما زال السيف يعمل فى أدبارهم عامة الليل وقد حل بهم الخزى والويل».
«فلما أصبحنا يوم الأربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفا غير من ألقى نفسه فى اللجج، وأما الأسرى فحدّث عن البحر/ولا خرج، والتجأ الفرنسيس إلى المينا وطلب الأمان فأمناه، وأخذناه وأكرمناه، وسلمناه دمياط بعون الله وقوته وجلاله وعظمته».
وبعث مع الكتاب غفارة الملك فرنسيس، فلبسها الأمير جمال الدين بن يغمور- وهى اشكرلاطا أحمر، بفرو سنجاب. فقال الشيخ نجم الدين بن اسرائيل:
إن غفارة الفرنسيس جاءت … فهى حقا لسيد الأمراء
كبياض القرطاس لونا ولكن … صبغتها سيوفنا بالدماء
وقال آخر:
أسيد أملاك الزمان بأسرهم … تنجزت من نصر الإله وعوده
فلا زال مولانا يبيح حمى العدى … ويلبس أثواب الملوك عبيده
وأخذ الملك المعظم يهدد زوجة أبيه شجرة الدر، ويطالبها بمال أبيه، فخافته وكاتبت مماليك الملك الصالح تحرضهم عليه. وكان المعظم لما وصل إليه الفارس أقطاى إلى حصن كيفا وعده أن يعطيه إمرة فلم يف بها، وأعرض مع ذلك عن مماليك أبيه، وأطرح أمراءه، وصرف الأمير حسام الدين بن أبى على عن نيابة السلطنة وأحضره إلى العسكر ولم يعبأ به، وأبعد غلمان أبيه واختص بمن وصل معه من