للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطافت القوّاسة الأتراك على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش والخلع.

وفى يوم الأحد السادس والعشرين من الشهر، وصلت الأسرى ورؤس القتلى إلى القاهرة، فدخلوا بهم من باب النصر وشقوا بهم وسط المدينة، وكانوا أربعة عشر رأسا، وخمسة وعشرين أسيرا وحبسوهم بالقلعة. ثم بعد ذلك بيومين، وردت مائة واحد وعشرون رأسا. ثم اجتمع الأمراء ببيت القاضى وهم: حسن باشا، وعمر بيك الدفتدار، وكتخدا بيك، والسيد عمر النقيب، والشيخ الشرقاوى، والشيخ الأمير، وباقى المشايخ، وعقدوا الرأى على الاستعداد وحمل السلاح والتأهب للجهاد، حتى مجاورى الأزهر، وترك المشايخ إلقاء الدروس. ثم تشاوروا فى تحصين المدينة، وحفر خنادق، فحفروا الخندق المتصل من باب الحديد إلى البر.

وفى يوم الجمعة، حضر مكتوب من ثغر رشيد، عليه إمضاء حاكمها أحمد بيك- المعروف ببونبرت-، مؤرخ بأربع وعشرين من الشهر يطلب إمدادا، لأن الإنكليز لما حصلت واقعة رشيد قد أخذوا فى التجهيز لمحاصرة رشيد. فأرسلوا له عدة من المقاتلين، وكتبوا مكاتبات إلى البلاد والعرب الذين ببلاد البحيرة يدعونهم لمحاربة الإنكليز، واجتهدوا فى حفر الخندق بمباشرة قنصل الفرنساوية، ووزعوا حفره على مياسير الناس وأهل الوكائل والخانات، والتجار وأرباب الحرف والرزنامجى، فجعلوا على البعض أجرة مائة رجل، وعلى البعض أجرة خمسين أو عشرين وهكذا، وكذلك أهل بولاق ونصارى ديوان المكس والنصارى والأروام والشوام، واشتروا المقاطف والفؤرس وغير ذلك.

وفى يوم الخميس غاية الشهر، ورد مكتوب من السيد حسن كريت-نقيب الأشراف برشيد، والمشار إليه بها-من ضمن ما فيه، «أن الإنكليز حضروا إلى ناحية الحماد قبلى رشيد، ومعهم المدافع الهائلة، ونصبوا متاريسهم من ساحل البحر إلى الجبل عرضا، وذلك ليلة الثلاثاء لعشرين من الشهر، ونرجو الإسعاف والإمداد بالرجال والجبخانة».

فلما قرأه السيد عمر النقيب على الناس، لبسوا الأسلحة وانضم إليهم المغاربة وأتراك خان الخليلى، وكثير من العدوية والأسيوطية وأولاد البلد، وذهب منهم الكثير إلى جهة رشيد.