ثم ان الألفى أرسل إلى كبار عسكر الباشا، فطلبهم ليعطيهم جماكيهم، فلما حضروا عنده-وكانوا سبعة أنفار-عرف منهم ستة من المطرودين فى الفتن السابقة، داروا ورجعوا لما سمعوا بعلى باشا. فوبخهم وقال لهم:«أطلقتكم وأعتقتكم، وكأنكم عدتم لتأخذوا بثأركم»، ثم أمر بضرب أعناقهم، ففعل بهم ذلك ورموهم فى البحر، وأما السابع فإنه لم يكن من الذين حضروا إلى/مصر، وتعارف محمد على معه فشفع فيه وتركوه مع الأرنؤط. وأحضروا متاع الباشا وحملته وطبلخانته من عرضيه إلى عرضى الأمراء، وأمروا العساكر بالرحيل فرحلوا وصحبتهم حسين بيك أبو شاش الألفى وصالح بيك الألفى. وكانت عدتهم ألفين وخمسمائة، والله أعلم بما فعل بهم.
وأما الباشا فإنه لما حضر إلى مخيم الأمراء، أرسل إليه عثمان بيك البرديسى كتخداه رضوان كاشف-المعروف بالغرباوى-بهدية وألف نصفية ذهب وبلغه السلام، فقال الباشا للكتخدا ولمن حضر معه من الأمراء:«أنا عند ما قلدونى ولاية مصر، قلت أن أول حوائجى العفو والرضا عن الأمراء المصريين، لأن لهم فى عنقى جميلا عند ما حضرت إليهم هاربا من طرابلس، فآوونى وأكرمونى وأقمت معهم مدة طويلة فى غاية الإكرام، ولا أنسى معروفهم»، فأجابوه بأنهم يراعون له ذلك.
ثم أقام ثلاثة أيام بالخيام التى أجلسوه بها فى عرضى البرديسى، وترتب له الطعام فى الغداء والعشاء، ولم يجتمع عليه أحد من الأمراء الكبار سوى عثمان بيك يوسف-المعروف بالخازندار-وأحمد أغا وأرباب الخدم.
وأما الذنب الذى نقموه عليه فإنهم ذكروا أنه فى الليلة التى بات فيها بعرضى البرديسى، خرج من الخيام فارس على فرس يعدو بسرعة، فصهلت الخيل وإنزعج العرضى، ورمحوا خلفه فلم يلحقوه. فسألوا الباشا عن ذلك، فقال:«لعله لص أراد أن يسرق شيئا وخرج هاربا». فلما حصل ذلك أجلسوا حوله عدة من المماليك المتسلحين، فسأل عنهم، فقيل له:«إنهم جلوس بقصد المحافظة من السراق».
ثم إنهم قبضوا على هجان بناحية البساتين مسافر إلى قبلى، فوجدوا معه مكاتبات من الباشا، خطابا إلى عثمان بيك حسن بقنا يطلبه للحضور إلى مصر ويعده بإمارة مصر .. وغيرها. فعند ذلك أخذوا المكاتبات من الهجان وحضروا عند الباشا، فأذن