وأصغرهم (سليمان بك عبد العال) كان حاكما على جملة قرى من شرق سيلين زمنا ثم أنعم عليه الخديوى إسماعيل برتبة أمير ألاى سنة سبع وثمانين، وجعل مدير مديرية قنا نحو سنتين ثم مدير مديرية سوهاج نحو سنة ثم أعفى، وقد رزق من الأولاد الذكور أربعة، أكبرهم محمود بك وكيل مديرية أسيوط، تعلم القراءة والكتابة وشيئا من النحو والحساب، وجعل أولا ناظر قسم أبى تيج فى سنة ثمانين، ثم ترقى إلى رتبة بيكباشى، وجعل وكيل مديرية جرجا ثم أسيوط.
ويتبع هذه القرية نزلتان: إحداهما يسكنها الأقباط، والأخرى يسكنها المسلمون وينسج فيها حصر الحلفاء وثياب الصوف وعندها مرسى للمراكب.
وأطيان هذه البلدة مختلطة بأطيان قرية الشامية التى فى شرقيها بنحو ثلث ساعة، وهى قرية نحو نصف أهلها أقباط وبها جامع وكنيسة، وأبنيتها من اللبن والآجر، ولأهلها خبرة فى فن الزراعة، وفيهم أرباب ثروة، ونخيلها كثير؛ فإن فيها نحو عشرين بستانا على تجاه واحد من الشمال إلى الجنوب، وفى شرقى الشامية بسفح الجبل قرية أصغر منها يقال لها الخوالد أكثر أهلها مسلمون وفيها بيت مشهور لرجل كريم يقال له (الشيخ يوسف فتح الباب)، وفى أرضها مقاثئ، وعلى جنوبها نزلة يقال لها (المستجدة) ويقال لها أيضا (الوادى) لوقوعها فى منخفض تحت طريق فى الجبل وكانت أراضى تلك القرى وما جاورها تحرم من النيل فى سنة قلة زيادته، فكانوا يحفرون الآبار ويزرعون عليها قمحا وشعيرا يسمى (بالشتوى) يعطى محصولا قليلا؛ فكان أكثرهم فى فقر وفاقة، فلما قام (المرحوم محمد على) بأعباء ولاية الديار المصرية وشرع فى عمل الطرق التى بها رى البلاد وصلاح حالها بأفكاره السنية وهندسته الطبيعية نالت تلك الجهات من ذلك حظا وافرا وأمنت أراضيها من الشرق وصارت تكسى بساطا من الماء الأحمر كل سنة وقت زيادة النيل، وإذا نزل عنها خلّف طميا راسبا عليها يبلغ فى بعض الأماكن ثلث متر فأخصبت أرضها وأثرى أهلها.