الركوب إلى الميدان الكبير الناصرى على النيل، ومعه جميع أهل الدولة من الأمراء والكتاب وقاضى العسكر وسائر أرباب الرتب، ويسير إلى السرحة بناحية سرياقوس وينزل القصور، ويركب إلى الميدان هناك للعب الكرة، انتهى. ويسمى لعب الصولجان، وهى لعبة من أعظم ألعاب السلاطين كما نقله كترمير عن سناموس البيزنتى، قال: كان الشبان ينقسمون فى تلك اللعبة فرقتين ويركبون جياد الخيل، ويكون بيد كل واحد منهم عصا متوسطة الطول، بطرفها جزء عريض مع استدارة، بداخل دورته حشو بهيئة الشبكة، ويضرب كل فرقة وهم على ظهور الخيل كرة من الجلد قدر التفاحة، ويكون ذلك فى أرض مستوية مع إجراء الخيل بغاية السرعة، وقد حددوا نقطة معلومة، فكل من أوصل الكرة إلى النقطة فهو الغالب.
وقال أيضا: إن هذه اللعبة من أخطر الألعاب؛ لأنه ربما سقط بسببها الفارس عن فرسه؛ لما يلزم لها من كثرة الحركة إلى اليمين والشمال والخلف والأمام؛ ليحوز قصب السبق، وقال: وزعم بعضهم أن أصل هذه اللعبة كانت عند اليونان ثم انتشرت فى الأقطار، ثم رد ذلك وقال: إن أصلها عجمية ثم نقلت إلى إسلامبول، وأخذتها العرب عن الفرس أيضا.
ونقل عن المسعودى إن الخليفة هارون الرشيد أول خليفة لعب الصولجان فى الميدان، وكان نور الدين الشهيد مولعا بهذا اللعب وفائقا فيه، والصولجان فى الأصل عصا مدهونة، طولها نحو من أربعة أذرع، وبرأسها خشبة مخروطة محدودبة تنيف عن نصف ذراع، ويسمى الصولجان الجوكان فى لغة الترك، ومنه الجوكندار وهو الذى يحمله، والجماعة جوكاندارية، انتهى.
ويظهر أن هذه اللعبة كانت ببلاد العجم قبل بناء مدينة القسطنطينية وتسمى بلغة الفرس جوكان، قال الطبرى: إن أردشير الأول أراد أن يدرب ابنه شابور فطلب جوكانا وكرة ليلعب بها، وكان فى وسط السراى ميدان يحيط به دهليز، فجلس به أردشير على تخته لينظر إلى لعب شابور مع رفقائه أولاد