المباشرين لهذه الجباية والتنفيذ على اختلاف مراتبهم وتباين أصنافهم، ومن عوائدهم أن يكون الوزير من أهل الضبط القائمين على ديوان الحساب والجباية؛ لاختصاصهم بذلك فى مصر منذ عصور قديمة، وقد يوليها السلطان فى بعض الأحيان لأهل الشوكة من رجال الترك وأبنائهم على حسب الداعية لذلك، والظاهر أن هذه الوظيفة كانت من أعظم الوظائف فى جمع الأموال؛ فكان الوزير بسبب توليه العزل والولاية تزدحم عنده الدنيا ويكثر خدمه وحشمه، ويدل لذلك ما حكاه المقريزى فى كتاب «السلوك لمعرفة الدول والملوك» أن الوزير فخر الدين مجبر بن خصيب لما وقع القبض عليه بأمر السلطان ونفى إلى الشام فى سنة ست وستين وسبعمائة وجد عنده من ضمن الخدم سبعمائة بنت، وقد أطال الكلام على زخرف منزله وزهوه، قال: وكان قبل توليه الوزارة من أفقر المستخدمين وكان مغمورا فى الديون حتى سجن لأجلها مرارا، وتقدم فى تروجة بعض ما يتعلق بالوزارة فى دولة الفاطميين.
وفى كتاب «السلوك» أيضا أن موضوع أمير جامدار التسلم لباب السلطان ولرتبة البرددارية ركاب خيل البريد وطوائف الركابية والخراسانية والجمدارية، وهو يقدم البريد إذا قدم مع الدوادار وكاتب السر، وإذا أراد السلطان تقرير أحد من الأمراء على شئ أو قتله بذنب وكان ذلك على يد أمير جامدار، وهو أيضا المتسلم للزردخاناه وكانت أرفع السجون قدرا ومن اعتقل بها لا تطول مدته بها بل يقتل أو يخلى سبيله، وهو أيضا الذى يدور بالترفة (المبخرة) حول السلطان فى سفره صباحا ومساء، وكلمة جامدار عجمية ومعناها ماسك السلاح وبرددارية معناها بالفارسية ماسك الستارة، وقال دساسى الذى يظهر أنها كلمة خراسانية بالخاء المعجمة محرّفة عن حرسانية بالحاء المهملة فى أوله لا بالخاء.
ونقل أيضا عن كتاب «السلوك» أن فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة رسم للأمير جرجى الحاجب أن يتحدث فى أمر أرباب الديون مع غرمائهم