للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فثقل ذلك على العامة فحرفوها إلى سياسة على عادة تحريفهم، ثم إن الترك أيضا حذفوا صدر الكلمة فقالوا يسا مدة طويلة ثم قالوا يسق، واستمر ذلك إلى يومنا هذا.

وقد أوسع المقريزى فى الكلام هنا ومن ضمن ما قال: إن من جملة ماشرعه جنكزخان القائم بدولة التتار فى بلاد الشرق فى الياسة يعنى السياسة أن من زنا قتل ولم يفرق بين المحصن وغيره، ومن لاط قتل، ومن تعمد الكذب أو سحر أو تجسس على أحد أو أعان أحد الخصمين على الآخر قتل، ومن بال فى الماء أو على الرماد قتل، ومن أطعم أسير قوم أو كساه بغير إذنهم قتل، وأن الحيوان تكتف قوائمه ويشق بطنه ويمرس قلبه إلى أن يموت ثم يؤكل لحمه وأن من ذبح حيوانا كذبيحة المسلمين ذبح، وشرط أن لا يكون على أحد من أولاد على بن أبى طالب مؤنة ولا كلفة، وأن لا يكون على أحد من الفقراء ولا القراء ولا الفقهاء ولا الأطباء ولا من عداهم من أرباب العلوم وأصحاب العبادة والزهد والمؤذنين ومغسلى الموتى-كلفة ولا مؤنة، وشرط تعظيم جميع الملل من غير تعصيب لملة على أخرى، وجعل ذلك كله قربة إلى الله تعالى، إلى غير ذلك من القوانين الذى أكثرها مخالف للشرع، ولما تم ذلك وضعه نقشا فى صفائح الفولاذ وجعله شريعة لقومه فالتزموه من بعده.

وقال ابن بطوطة: وعندهم أن من خالف أحكام اليسق فخلعه واجب، ومن أحكامه أنهم يجتمعون يوما فى كل سنة يسمونه بالطرى ومعناه الضيافة، فيأتى أولا جنكزخان ثم الأمراء من أطراف البلاد وتحضر الخواتين الكبار وكبراء الأجناد، فإن كان سلطانهم قد غير شيئا من أحكام ذلك الكتاب فإنه يقوم إليه كبراؤهم ويقولون له: فعلت كذا يوم كذا وخالفت فى ذلك أحكام اليسق فقد وجب خلعك، ويأخذون بيده ويقيمونه عن سرير الملك ويقعدون غيره، وإن أذنب أحد من الأمراء الكبار حكموا عليه بما يستحقه، انتهى.