المواضع البعيدة على ما بيناه قبل ذلك، ولا يصدرون فى المجالس ولا يبدءون بالسلام ويلجئوا إلى أضيق الطريق، ويمنعون أن يعلوا على المسلمين فى البناء، وتجوز المساواة وقيل لا تجوز بل يمنعون، ويمنعون من إظهار المنكر والخمر والخنزير والناقوس والجهر بالتواراة والإنجيل، ويمنعون من المقام فى الحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة، ويجعل الإمام عليهم رجلا يكتب أسماءهم وحلاهم، ويستوفون جميع ما يؤخذون به من جميع الشرائط، وإن امتنعوا من أداء الجزية والتزام أحكام الملة انتقض عهدهم، وإن زنى أحد منهم بمسلمة أو أصابها بنكاح أو آوى الكافر أو دل على عورة المسلمين أو ذكر الله تعالى بما لا يجوز-قتل؛ لنقض العهد.
وروى مسلم أن النبى ﷺ قتل رجالا من بنى قريظة وسبى ذراريهم وقتل كعب بن الأشرف، قال العلماء فيه أن المعاهد أو الذمى إذا نقض العهد كان حكمه حكم المحارب، وأن الإمام يحاربهم إذا نقضوا العهد ولا خلاف فيهم إذا حاربوا أو أعانوا أهل الحرب وله أن يبتدئهم بالحرب.
واختلف فى تعليم القرآن فمذهب مالك-﵁-منع ذلك، ومذهب أبى حنيفة إباحته، واختلف قول الشافعى؛ حجة الجواز الرغبة فى الإسلام، وحجة المنع كونه نجسا كافرا فى الحال، وخشية الاستهزاء إذ هو عدوّ لله ولكتابه لئلا يعرضه للاستهانة والاستخفاف به، ولما تعارض هذا اختلف قول الشافعى ﵁.
وسئل مالك عن مؤاكلة النصرانى فى إناء واحد فقال: تركه أحب إلىّ وأما حرام فلا، ولا نصادق نصرانيا، قال بعض العلماء: الوجه فى منع مصادقة النصرانى أن الله ﵎ يقول: ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .. ﴾. الآية، فواجب على كل من يؤمن بالله أن يبغض من يكفر بالله تعالى ويجعل معه إلها آخر ويكذب برسله، ومؤاكلته من إناء واحد تقتضى الألفة بينهما والمودة فهى تكره.