فكسرتهم، وتقدمت فى السير بين جبلين شاهقين، فتركتهم الوهابية حتى قربوا من حصونهم، فحينئذ ضرب عليهم الوهابية نارا شديدة فلم تمنعهم عن الاستيلاء على مقدمة الحصون، ثم اجتمع الوهابية على هضبات الصفراء، وتترسوا بالصخور وأرسلوا نيرانهم على المصريين فانهزموا، واستولى الوهابية على أثقالهم، فبعث طسن باشا إلى والده بحقيقة الحال، وأنه عاد إلى ينبع ينتظر إرسال إعانة له، فجمع فى بندر السويس مواد تجريدة كان معدها للسفر وأرسلها إليه، ولم يتبع الوهابية المصريين فى انهزامهم إلى حد البحر الأحمر حيث يكونون على خطر من الغرق فيه، بل انحازوا إلى جبالهم، بخلاف طسن باشا فإنه انتهز الفرصة وبادر بالاستيلاء على الأماكن التى أخلوها.
وبعد أيام تقدم إلى المدينة فوضع عليها الحصار، وأنشأ حولها بعض أعمال لقصد هدم سورها؛ فاستسلمت إليه، فأخذها ولم يلبث أن بادر إلى جدة فوصل إليها بلا عائق، وكان الشريف غالب قد جهز له محفلا للدخول، فدخلها فى موكب بغاية الأبهة ثم عاد الشريف غالب إلى مكة ولحقه طسن باشا بوجاق خيالته، وكانت قد افتتحت سنة ١٨١٣ ووردت لطسن باشا الإمدادية من الديار المصرية، فتعلقت آماله بالاستيلاء على مدينة طيبة وكانت تحت يد العرب الوهابية، فبعث إليها بعثا تحت إمرة مصطفى بيك، فأصابتهم مشقة شديدة فى الطريق من ملاقاة عدوهم، فعادوا إلى مكان قريب من معسكرهم.
وورد الخبر بأن مكة حاصرها جيش من الوهابية تحت قيادة شيخهم سعود نفسه، فبعث طسن باشا إلى والده بما هم فيه من الشدة، فعزم على أن يتوجه بنفسه إلى الأقطار الحجازية.
قال الجبرتى-فى حوادث سنة ثمان وعشرين ومائتين وألف-أن الباشا لما عزم على سفر الحجاز لحرب الوهابية شرع فى تشهيل المطاليب واللوازم،