فمن جملة ذلك أربعون صندوقا من الصفيح المشمع داخله بالشمع والمصطكى، وخارجه بالخشب، وفوق الخشب جلود البقر المدبوغ، ليودع به ماء النيل المغلى لشربه وشرب خاصته، وقيد بذلك ونحوه السيد المحروقى يرسله فى كل شهر، انتهى.
قال فى الترجمة المذكورة: فأخذ العزيز محمد على باشا تجريدة كان قد أعدّها من قبل، فسافر من السويس بطريق البحر بألفين من المشاة، وجم غفير من الضباط أركان الحرب، من جملتهم عدة من الضباط الأورباويين، وتوجهت طائفة أخرى فى البر فوصل إلى جدة فى السابع والعشرين من شهر أغسطس سنة ١٨١٢، فتلقاه بجدة الشريف غالب وابنه طسن باشا، فقبل أن يعمل عملا أمر بالقبض على الشريف غالب، لما فهم فيه من التلون وعدم الصدق فى دعوى الصداقة، فقبض عليه وعلى جماعة من عشيرته وبعثهم إلى مصر القاهرة، ومنها إلى إسلامبول، ونصب على الحرمين الشريفين شريفا غيره، تحت أمره، لأجل أن يطيع له قبائل العرب المجاورين للحرمين، ثم شرع فى أعمال الحرب، ومع ما اعترى الجيش المصرى بنواحى الحجاز من الأمراض والموتان لم تفتر همته عن الاجتهاد، فبعث بعثا تحت إمرة طسن باشا لفتح الطائف، فاتفق نفاد الزاد منهم فرجعوا، واستعمل طريق الرفق بأعدائه واستمالة قلوبهم، فأنتج ذلك أن هرعت إليه القبائل الخارجة عن الطاعة، فتلقاهم بأحسن قبول، حتى انجذب إليه سائرهم وتأسى بهم غيرهم، وحينئذ مات شيخ الوهابية سعود، وقام عليهم بدله ابنه عبد الله، وكان له من الغباوة والجهل بقدر ما كان لوالده من الكفاءة والفضل، فخلا الميدان للعزيز محمد على باشا وصارت البشرى ترد عليه كل يوم بنصر عزيز وفتح جديد حتى فتح طرية، واستولى على رؤساء الوهابية، وكاد يفتح جميع أرض الحجاز، لولا ما ورد عليه من أخبار نواحى مصر التى ألجأته إلى إسراع العود إلى كرسى ولايته، فترك ابنه وعساكره بالحجاز وحضر إلى مصر من طريق السويس، فأطفأ