للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نار فتنة لطيف باشا الذى كان خزنداره ومغمورا فى إحسانه، وذلك أنه كان قد أرسله إلى إسلامبول بخبر ظفره بالوهابية وفتحه لبلاد الحجاز، وكان رجلا دنئ الطباع، شديد الأطماع، فسعى فيه عند أرباب الدولة واستأنس منهم بخلع العزيز محمد على باشا واستيلائه هو على مصر، وحضر إلى مصر وبيده فرمان الولاية، فبادر العزيز محمد على باشا بالقبض عليه وقتله شر قتلة، إلى آخر ما بسطناه فى الكلام على شلقان.

وفى سنة ١٨١٦ عقد طسن باشا الصلح مع الوهابية علي شروط شرطها عليهم، تعود عليهم بالعار، وترك من عساكره جماعة محافظين على مدن الحجاز ونزل إلى مصر من الينبع إلى السويس، فتلقاه والده بسرور كبير. وكان من ضمن الشروط على الوهابية أن يردّوا على الضريح النبوى ما كانوا قد سلبوه منه من الأسلاب، ثم لاح من عبد الله بن سعود امتناع من إنفاذ هذا الشرط، فكتب إليه العزيز محمد على باشا بما مضمونه أنه إذا لم يعمل بمقتضى الشروط التى عقدها على نفسه يبعث إليه عسكرا جرارا يخرب بلاده، ولما لم يرد إليه من الوهابية فى رد الجواب إلا محاولات تفيد عدم الامتثال جهز عليهم تجريدة ثالثة، تحت قيادة ابنه البكرى إبراهيم باشا رئيس الجيوش العسكرية، الذى تقلده وهو ابن ست عشرة سنة، فسافر بجنوده من طريق السويس سنة ١٨١٦، فلما وصلوا إلى أرض الحجاز وجدوا إخوانهم المحافظين مستولين على أعظم الأماكن، ولهم خبرة بأحوال البلاد والعباد، ويعرفون العرب الذين تنفع محالفتهم لنجاح هذه الغزوة، ثم وضع إبراهيم باشا الحصار على القلعة التى يقال لها الرس، وهجم عليها ثلاث مرات، ثم تركها بلا فتح، وبعد قليل فتح مدينة بقربها خلا له بافتتاحها الطريق إلى الدرعية، التى هى كرسى نجد ومقر شوكة القوم الوهابية، فسار إليها وفتحها وأخذها عنوة بعد حصار طويل، وألجأ أمير الوهابية إلى أن طلب الأمان فأجابه بشروط صعبة، ثم قبض عليه وعلى طائفة من قومه وأرسلهم إلى مصر أسرى تحت خفارة سرية مصرية.