كانت قائمة، وجمع جنوده فى مكان واحد، وأمر بالعود إلى مصر بعد استئذان والده، فأنزل الطوبجية والمشاة والأثقال من طريق البحر، ونزل معهم من مينا الينبع إلى السويس، فوصل إلى القاهرة فى أواخر سنة ألف وثمانمائة وتسع عشرة ميلادية، أ. هـ.
ثم فى جرنال آسيا أن الوهابية قوم من العرب تمذهبوا بمذهب عبد الوهاب، وهو رجل ولد بالدرعية وهى مدينة بأرض العرب من بلاد الحجاز، وكان من حين صغره تظهر عليه النجابة وعلوّ الهمة والكرم، وشب على ذلك، واشتهر بالمكارم عند كل من يلوذ به. وبعد أن تعلم مذهب أبى حنيفة فى مدارس بلده سافر إلى أصفهان ولاذ بعلمائها، وأخذ عنهم حتى اتسعت معلوماته فى فروع الشريعة، وخصوصا فى تفسير القرآن ثم عاد إلى بلده فى سنة ألف ومائة وإحدى وسبعين هجرية، فأخذ يقرر مذهب أبى حنيفة مدة، ثم أدته ألمعيته إلى الاجتهاد والاستقلال فأنشأ مذهبا مستقلا، وقرره لتلامذته فاتبعوه وأكبوا عليه، ودخل الناس فيه بكثرة، وشاع فى نجد والإخصاء والقطيف، وكثير من بلاد العرب، مثل عمان وبنى عتبة من أرض اليمن. ولم يزل أمرهم شائعا ومذهبهم متزايدا إلى أن قيض الله لهم عزيز مصر محمد على باشا، فأطفأ سراجهم فى سنة ألف ومائتين واثنتين وثلاثين، وكسر شوكتهم، وأخفى ذكرهم، وهاك رسالة من كلامهم تدل على بعض مذهبهم ومعتقداتهم:
«اعلموا رحمكم الله أن الحنيفية ملة إبراهيم، أن تعبد الله مخلصا له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم له، كما قال تعالى: ﴿وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ﴾. فإذا عرفت أن الله خلق العباد للعبادة، فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك فى العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل فى الطهارة:
كما قال الله تعالى: ﴿ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ﴾. فمن