للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دعا غير الله طالبا منه ما لا يقدر عليه إلا الله؛ من جلب خير أو دفع ضرر-فقد أشرك فى العبادة، كما قال تعالى: ﴿وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَ إِذا حُشِرَ النّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ﴾ وقال تعالى ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَ لَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾. فأخبر أن دعاء غير الله شرك، فمن قال يا رسول الله، أو يا ابن عباس، أو يا عبد القادر، زاعما أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده ووسيلته إليه، فهو المشرك الذى يهدر دمه وماله، إلا أن يتوب من ذلك، وكذلك الذين يحلفون بغير الله، أو الذى يتوكل على غير الله، أو يرجو غير الله، أو يخاف وقوع الشر من غير الله، أو يلتجئ إلى غير الله، أو يستعين بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فهو أيضا مشرك.

وما ذكرنا من أنواع الشرك هو الذى قال الله فيه: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ﴾ وهو الذى قاتل رسول الله المشركين عليه وأمرهم بإخلاص العبادة كلها لله تعالى. ويصح ذلك-أى التشنيع عليهم- بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى فى كتابه: أولها أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله يقرون أن الله هو الخالق الرزاق، المحيى المميت، المدبر لجميع الأمور، والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَ مَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ﴾. وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلّهِ قُلْ فَأَنّى تُسْحَرُونَ﴾. إذا عرفت هذه القاعدة وأشكل